«إن المعاصي - كما نعلم - تقلل من قيمة الحياة المعنوية. وإن تحمل العيوب والنواقص خطأ فظيع. فليس كل شخص حرا في تصرفاته، وعلى هذا فالذي ينحرف عن الطريق المستقيم في الحياة ويبدو متكاسلا مفتريا على الناس ولا يبالي بارتكاب مختلف الذنوب يجب أن يعتبر مجرما عاما. ولكل ذنب آثاره الوخيمة حيث يؤدي إلى الانحرافات العضوية والنفسية والاجتماعية. فكما أن العض على أنامل الندم لا يتلافى العيوب الناشئة في جسد المدمن على الخمرة أو العيوب الوراثية في أطفالهم... كذلك لا يمكن ترميم الانحرافات الناشئة عن الحسد والحقد والغيبة والأثرة والأنانية» (1).
إن كل ما هو ممنوع في الشريعة المطهرة. وكل ما يعتبره الإسلام ذنبا وإجراما يتصل إما بضرر مباشر أو غير مباشر تجاه المصالح المادية أو المعنوية للانسانية حتما. غاية الأمر أن البشر لم يطلعوا على جميع تلك الجوانب. ويرى البعض كثيرا من الذنوب كشرب الخمر والقمار والاتصالات اللا مشروعة بين الجنسين رائجة في الدول الغربية فيظن أن الإسلام قد حرمها عبثا... وهو في توهمه هذا غافل عن أن ذلك كله حسب حساب دقيق، فقد يأتي يوم يفطن فيه الغرب إلى أضرارها فيمنعها أيضا!.
في رسالة من محمد بن سنان إلى الإمام علي بن موسى الرضا (ع) يسأله فيها عن صحة ما يدعيه بعض المسلمين من عدم وجود حكمة للحلال والحرام في الإسلام وأن المقصود من ذلك هو التعبد والانقياد إلى الله فقط. فكتب عليه السلام في جوابه:
«... قد ضل من قال ذلك ضلالا بعيدا» ثم يسترسل في ذكر تحريم المحرمات فيقول:
«ووجدنا المحرم من الأشياء، لا حاجة للعباد إليه ووجدناه