دعاك إلى مأدبة فأسرعت إليها تستطاب لك الألوان وتنقل إليك الجفان (1) وما ظننت أنك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفو (2) وغنيهم مدعو.
ألا وإن إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه (3)، ومن طعمه بقرصيه! ألا وإنكم لا تقدرون على ذلك، ولكن أعينوني بورع واجتهاد، وعفة وسداد. فوالله ما كنزت من دنياكم تبرا، ولا ادخرت من غنائمها وفرا، ولا أعددت لبالي ثوبي طمرا، ولا حزت من أرضها شبرا. ولو شئت لاهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل ولباب هذا القمح ونسائج هذا القز، ولكن هيهات أن يغلبني هواي، ويقودني جشعي إلى تخير الأطعمة ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص (4) ولا عهد له بالشبع! أو أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى وأكباد حرى (5)؟ أو أقنع من نفسي بأن يقال أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر!؟ وكأني بقائلكم يقول: (إذا كان هذا قوت ابن أبي طالب فقد قعد به الضعف عن قتال الأقران ومنازلة الشجعان؟) ألا وإن الشجرة البرية أصلب عودا، والروائع الخضرة أرق جلودا، والنباتات البرية أقوى وقودا وأبطأ خمودا! والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليت عنها!