من ارتكاب القبيح، ويدل أيضا على أنه لا يعمل بالاجتهاد كغيره لأن المجتهد لا يصيب دائما وعلى مصيب دائما فهو ليس بمجتهد فيكون علمه نقلا من الرسول (صلى الله عليه وآله) وإلهاما من الله تعالى، وأكثر أخبار الباب مصرحة بهذا المعنى فلنستغن ببيانه هنا عن تكريره فتأمل، وقوله (صلى الله عليه وآله) (واجعل ربيعه الإيمان) نص في العصمة على قول المعتزلة والربيع هو الجدول، وهو النهر الصغير كأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) يريد واجعل مشربه أو مورده الإيمان والإيمان عند المشار إليهم فعل الواجبات واجتناب الكبائر والصغائر عندهم مكفرة لا تنافي العصمة لأنها لا توجب الذم، وإذا كان علي (عليه السلام) بنص الخبر ملازما للإيمان كما يصرح به قوله بعد الدعاء (قد فعلت) والإيمان عندهم لا يتم إلا باجتناب القبيح الذي يستحق فاعله الذم وجب أن يكون معصوما منه، وإني لأعجب من ابن أبي الحديد حيث يروى مثل هذا الخبر الواضح في عصمة علي (عليه السلام) ثم يقول في مواضع كثيرة من كتابه: " إن عليا ليس بمعصوم " ويعدله بعمر تارة ويقول: " إن الرجلين ليس ولا واحد منهما عندنا بمعصوم ولم يفرق بين من لم يعبد إلا الله، ولم يجر عليه اسم فسق أبدا وبين من عبد الأوثان وجرى عليه اسم الكفر والعصيان، وأخطأ في كثير من الأحكام فيا لله للمسلمين أيقاس هذا بذاك وهل تستوي الظلمات والنور، لكن الرجل وامناله؟؟ تاهوا في أودية الجهل وسلكوا الطريق الوعر وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا أعاذنا الله والمؤمنين من طاعة الهوى.
وأما لفظ المحبة الوارد في الأخبار المذكورة فهو مفيد للعصمة لما بيناه مرارا من أن المحبة لعلي (عليه السلام) إذا وجبت على الإطلاق وكانت كمحبة الله والرسول (صلى الله عليه وآله) وجب أن يكون منزها عن فعل القبيح إذا العاصي لا تجب محبته البتة، وعلي (عليه السلام) تجب محبته مطلقا فهو لا يعصي أبدا وهو المطلق. (*)