قريشا لم تعدل بالخلافة عن بني هاشم لخوف أمر يحدث في الدين، ولا لحذر ثلم يكون في الإسلام، وإنما كان ذلك لكراهة تأمير قرابة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتشريفهم، وهو عين العداوة لهم.
الثاني قوله: فنظرت قريش لأنفسها، فإنه صريح في أن القوم لم يصرفوا الخلافة عن بني هاشم نظرا منهم للدين، وحماية منهم على الإسلام، وإنما فعلوا ذلك نظرا لأنفسهم في أمر دنياهم ليتشرفوا بالإمارة، وهذا كما ترى مناقض لما تقدم من قول المعتزلي: إن القوم أرادوا بما فعلوا الدين لا الدنيا ولم يميلوا إلى هوى، وأنهم نظروا في ذلك إلى مصلحة الإسلام، فقد كذب قوله، والكلامان منافيان أيضا لما قاله المتكلم في الخبر السابق من أن المانع لقريش من مبايعة علي (عليه السلام) استصغارها سنة، وعنه أخذ أتباعه التنافي والتناقض في أقوالهم.
الثالث قوله: أبت قلوبكم يا بني هاشم إلا غشا في أمر قريش الخ.
فإنه صريح في أن عمر كان مطلعا على كراهة بني هاشم لخلافته وخلافة صاحبه، ومن استخلفهما ورضي بخلافتهما، وبقاء حقدهم عليهم.
الرابع قول ابن عباس، فكيف لا يحقد من غصب شيئه فإنه صريح في حقد بني هاشم على من تولى الأمر دونهم وأخذ ذلك الشئ منهم وهذا كله مضاد لقول ابن أبي الحديد: إن عليا (عليه السلام) رضي بخلافة الرجلين، ورآها صلاحا أفيرضى علي (عليه السلام) ويحقد ابن عباس وباقي بني هاشم وهم ذلك الوقت لا يطلبون الخلافة إلا له وليس فيهم من يجيز لنفسه التقدم عليه في أقل الأمور.
الخامس قوله: أخذ منا هذا الأمر حسدا وظلما، وهو كسابقه في المعنى وهذا الخبر مضمونه نص مذهب الإمامية فليصدق ابن أبي الحديد حديثه أو يكذبه ففي كلا الأمرين لمنا عليه الفلج.