النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأن حبه لبني عبد المطلب متعالم مشهور، وحثه الناس على إكرامهم تارة بالتخصيص وتارة بالتعميم، وشدة حنوه عليهم أمر ظاهر معروف ومذكور لا يجوز أن يجهله سائر الناس فضلا عن عمر بن الخطاب وعناية الله ببني عبد المطلب إكراما للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واضحة مكشوفة حيث أمره الله أن يبدأ بإنذارهم، ويفتتح دعوة الإسلام بدعائهم فقال: [وأنذر عشيرتك الأقربين] (1) وأوجب لهم حقا عليه فقال: [وات ذا القربى حقه] (2) ثم أوجب لهم المودة على الأمة إعظاما لهم وإجلالا، كل ذلك لتكريم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتفخيمه، ولقد احتج ابن عباس على عمر بذلك فما استطاع إنكاره في حديث عبد الله بن عمر السابق أن ابن عباس لما قام بعد قول عمر: قم الآن فارجع إلى منزلك هتف به عمر لما انصرف: أيها المنصرف إني على ما كان منك لراع حقك، فالتفت ابن عباس فقال: إن لي عليك يا أمير المؤمنين وعلى كل المسلمين حقا برسول الله (صلى الله عليه وآله)، فمن حفظه فحق نفسه حفظ، ومن أضاعه فحق نفسه أضاع، ثم مضى فقال عمر لجلسائه، واها لابن عباس ما رأيته لاحى أحدا قط إلا خصمه، فمن كان هذا شأنهم يجب أن يكون حبهم شرطا في الإمام لا مبطلا لإمامته، وجعل بغضهم شرطا في صحة الإمامة مخالفة لله وردا لكتابه ومراغمة لرسول الله (صلى الله عليه وآله).
وبعد فما يكون في حب الرجل عشيرته من النقص لمرتبته عن الإمامة إذا لم يخف منه لذلك جور في حكم، ولا إيثار بمال، ولا حيف في قسمه، وأمير المؤمنين بمعزل عن هذه التهمة، أو لم يأن لعمر بن الخطاب أن يعلم بطول