وآله وسلم) على علي (عليه السلام) وإخفائها وسترها ما استطاعوا قولا وفعلا والآخرون من معتزلة وأشاعرة ورعاع الناس وأهل الأطماع في الدنيا قلدوهم في ذلك واتبعوهم على غير بصيرة، فتراهم يروون النص الصريح ويقولون ليس هذا بنص صريح، والمنصف المتأمل في أمرهم إذا نظر إلى أقوالهم لا يختلجه الشك ولا يدخله الريب في أن هذه طريقتهم ودأبهم، وليتهم إذا أخفوا نصوص إمامة علي (عليه السلام) اقتصروا على ذلك ولم يتعدوا عنه إلى تزويرهم الأخبار في ذمه واختلاقهم الأحاديث في فضائل المتقدمين عليه ليعارضوا بها ما لم يجدوا إلى إخفائه وستره سبيلا من مناقبه مثل خطبة ابنة أبي جهل وأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غضب عليه لذلك وأنه قال: (إن آل أبي طالب ليسوا لي بأولياء) إلى غير ذلك مما ذكروا من الأكاذيب وسيأتي لهذا المبحث كشف وبيان في موضع هو أخلق بذكره من هنا فترقب والحاصل أنه لولا فعل الشيخين بأمير المؤمنين وتهجينهما أمره وتصغيرهما قدره لكانت النصوص المذكورة على إمامته زاهرة أقمارها، مشرقة شموسها، مضيئة أنوارها تملأ عين كل ناظر وتقرع سمع كل باد وحاضر، لكنهما أطفئا تلك الأنوار الظاهرة وأخفيا تلك الشموس الزاهرة ولولاهما لم يخالف أمير المؤمنين (عليه السلام) أحد من الناس ولكان أجل قدرا من أن يضام ويجترئ أحد من الناس على منازعته ولقد صرح بهذا معاوية بن أبي سفيان في كتابه إلى محمد بن أبي بكر وهو غير متهم على الشيخين قال في ذلك الكتاب (فقد كنا وأبوك معنا في حياة نبينا نرى حق ابن أبي طالب لازما لنا، وفضله مبرزا علينا، فلما اختار الله لنبيه ما عنده، وأتم له ما وعده، وأظهر دعوته وأفلج حجته قبضه الله إليه فكان أبوك وفاروقه أول من ابتزه وخالفه، على ذلك اتفقا واتسقا إلى آخر ما قال من شبه هذا فلقد صدق وليس بصدوق روى هذا الكتاب ابن أبي الحديد عن نصر بن
(٣٤٨)