مزاحم المنقري وكان عند ابن أبي الحديد ثقة ثبتا في الحديث (1) فأعطى قول معاوية أن مخالفته لعلي (عليه السلام) ومناوأته له إنما كانت لما فعلاه من ابتزاز حقه في أول الأمر فكان ذلك مطمعا لمعاوية في نيل الرئاسة ومجسرا له على المخالفة، ولم يكن ذلك منه لعدم علمه بفضل علي (عليه السلام) ولا لجهالته بعدم لزوم حقه على الناس في حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وما ذاك إلا لما بينه النبي (صلى الله عليه وآله) من فضله وما ألزمه الناس من حقه بالقول والفعل، ولا يكون ذلك إلا بنص عليه، فلعمري أن في قول معاوية إقرارا بالنص من جهة اللزوم وتصريحا بمخالفة الشيخين له وذلك هو ما نقول، وهو أعظم حجة على معاوية حيث صرح بتعمده مخالفة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في خلعه ما لزمه من حق علي (عليه السلام) تقليدا لفلان وفلان فقد ظهر الحق وتوجه النقض على ابن أبي الحديد وأصحابه وبطل ما كانوا يعملون.
فإن قيل: كيف قبحتم على المعتزلة صرف ألفاظ الأخبار عن نصوصها والعدول بها عن ظواهرها مع أنهم قصدوا بذلك التوفيق بينها وبين فعل الصحابة وأنتم جوزتم لأنفسكم صرف ألفاظ القرآن الدالة على صدور المعصية من الأنبياء مثل [وعصى آدم ربه فغوى] (2) وغيرها عن نصوصها وظواهرها إلى مجازات بعيدة كترك الأولى وفعل المرجوح وغير ذلك، فكيف جاز لكم صرف اللفظ عن صريحه إلى بعض محتملاته البعيدة ولم يجز للمعتزلة ذلك؟ قلنا: هذه الحجة هي التي ركن إليها ابن أبي الحديد وقوم من أصحابه واستطاعوا على الإمامية بها وهي أوهن من بيت العنكبوت، والجواب عنها أن نقول: إنا إنما صرنا إلى ما صرنا إليه من صرف الألفاظ