(صلى الله عليه وآله) للحاضرين عنده: (هلم اكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا) فقال عمر: اهجر استفهموه، فاختلف الحاضرون، فقالت طائفة: قربوا إليه يكتب لكم، وقالت طائفة أخرى: القول ما قاله عمر، فغضب النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: (قوموا عني فلا ينبغي عند نبي تنازع) وهذا الحديث مروي في صحاح القوم كصحيح البخاري وصحيح مسلم وغيرهما وهو بالغ حد التواتر في الجملة، وألفاظه مختلفة بالزيادة والنقص، وصورة ما ذكرناه متفق عليها وذكره ابن أبي الحديد بلفظه مرة وأشار إليه مرارا.
ثم يقال لابن أبي الحديد: أليس دل هذا الحديث على النص من قول علي (عليه السلام) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نص عليه وقوله حق عندك لأنه مع الحق، ومن شهادة عمه العباس له بذلك، فأين قولك، أنه لا نص هناك وإنكارك على الإمامية دعواه؟ أولست بإنكارك النص كذبت عليا، ورددت شهادة العباس ولم تكن كذبت الإمامية خاصة؟ وأين قولك في كثير من المواضع: إن عليا لم يحتج على الصحابة بالنص، وهذا الخبر ينص على ذلك من قول عمر: أيزعم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) نص عليه، ومن قول ابن عباس: نعم، أفما في هذا دلالة صريحة على أن عليا (عليه السلام) كان طالبا للخلافة محتجا على ذلك بنص الرسول (صلى الله عليه وآله) وأن عمر قد علم ذلك وسمعه، وأن ابن عباس كذلك وأن العباس سمعه وشهد له، افترى باقي الصحابة لم يسمعوا ذلك! ولا ضير أيضا لو لم يسمعوا إذا كان الخصم قد سمع الدعوى والحجة عليها.
ثم يقال له أيضا أليس في كلام عمر تناقض بين لأنه أنكر النص أو لا وذكر أنه لا نص وإنما هو شئ من القول لا تقوم به الحجة ولا يقطع العذر