(ذلك الكتاب لا ريب فيه) فانتفاء الريب والشك اقتضى وجود معصوم بعد النبي عليه وآله السلام يعلم ما في الكتاب من صغيرة، وكبيرة علما يقينيا ييسر تطبيقه، ويعصم الناس من الخلاف، لأن النبي لم يفسر القرآن قبل موته، ولم يترك في كل حال مستجد أمرا، بل هناك من الأمور ما وقع بعد النبي، واختلف الناس فيه لعدم وجود شئ فيه. ولأن عملية التشريع عملية مستمرة متواصلة لكونها مرتبطة بالأحداث والمستجدات، لذا وجب أن تكون القيادة على يقين فيما تقول وتفتي به، لأنها لو أخطأت فسدت على الناس حياتهم. ثم إن الله أمر بطاعة القيادة فقال:
(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله، وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
فنص على أن أولي الأمر تجب طاعتهم كما تجب أن تكون أحكامهم، وأوامرهم ونواهيهم موافقة للشرع مطابقة لأحكام الدين لأن هذا هو شرط الطاعة وأساسها.
ومطابقة أوامر، ونواهي وأحكام أولي الأمر للدين لا تتم إلا بعصمتهم، لأن ولي الأمر إذا أخطأ وجب إصلاحه، والإنكار عليه وهذا يتناقض وأمر الله بطاعته.
ويختلف الشيعة عن السنة في تفسير معنى أولي الأمر فهم يرون أن المقصود بهم الأئمة الاثنا عشر، في حين يرى السنة ما نعلم، وما نسمع ونقرأ.
وعصم الرازي أهل الحل والعقد لأن من أمر الله بطاعته لا بد وأن يكون معصوما، ولما كان يخالف الشيعة في تفسيرهم لأولي الأمر بالأئمة الاثني عشر فسرها بأهل الحل والعقد.
ففي تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله، وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) النساء: 4.
قال: إن الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم في هذه الآية، ومن أمر الله بطاعته على سبيل الجزم، والقطع لا بد وأن يكون معصوما من الخطأ، إذ لو لم