الدينية في جو من الصفاء والأخوة والبحث عن الحقيقة وعما ينفع الناس.
واتباع الدليل من أي أفق ظهر.
إن المسلمين إذا وصلوا إلى تحقيق ذلك أصبحوا قوة متماسكة متفرغة لما يرفع شأنها، مخففة من أثقال الماضي التي حملتهم إياها العصبية وجعلتهم يبدون أمام العالم كأنهم أتباع أديان مختلفة بينها هم أتباع دين واحد يؤمنون بإله واحد، ورسول واحد، وكتاب واحد.
فقلت لفضيلته: إن الدراسة عادة تجر إلى الاختلاف الفكري وقد رأينا كثرة المجتهدين في تاريخ العلوم الإسلامية، وكثرة الآراء حتى في المذهب الواحد، فكيف يمكن إذن أن يجتمع المسلمون على مذهب واحد، أو فكرة واحدة.
فأجاب فضيلته: إن الخلاف في الرأي ضرورة اجتماعية، وشأن طبيعي لا يمكن دفعه، ولكن هناك فرق بين الاختلاف الذي تمليه العصبية المذهبية والجمود على فكرة معينة ولو ظهر أنها على خلاف الدليل والمنطق، هناك فرق بين هذا، وبين الاختلاف الذي تمليه الحجة والبرهان، فالأول خلاف مذموم ومن مساوئه أنه يقطع بين المسلمين، ويغرس العداوة والبغضاء في قلوبهم، أما الخلاف الثاني فهو خلاف الإنصاف والبحث وراء الحقيقة مع احترام كل فريق لرأي مخالفيه، ما داموا جميعا محترمين للأصل الجامع بينهم وهو مصادر الإسلام الأولى، وقواعده الأصلية.
وقد كان الأئمة الأولون يختلفون علميا ومع ذلك يحترم بعضهم بعضا، ويعذر بعضهم بعضا، ويتشاورون، ويتبادلون الآراء، ويرحل بعضهم إلى بعض، ويأخذ بعضهم من بعض.
وإذن فنحن لا نريد ولا ندعو بين الناس على مذهب واحد لا نريد أن يندمج مذهب الشيعة في مذهب السنة، ولا مذهب السنة في مذهب الشيعة، ولكن نريد أن يصل المسلمون في مختلف طوائفهم إلى لون واضح من ألوان التعاون القائم على