ومنها: ما أخرجه البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم، عن أبي سعيد الخدري في حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: لو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكن أخوة الإسلام ومودته (1).
استدل به على خلافة أبي بكر: ابن حجر في صواعقه (2)، وشارح العقيدة الطحاوية (3)، وأبو نعيم الأصفهاني في كتاب الإمامة (4) وغيرهم.
ولو سلمنا بصحة هذا الحديث فأكثر ما يدل عليه هو أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يتخذ أبا بكر خليلا، ولو أراد أن يتخذ خليلا لاتخذ أبا بكر، والخلة: هي الصداقة، والخليل هو الصديق ( 5).
وعليه، يكون معنى الحديث: لو أردت أن أتخذ صديقا لاتخذت أبا بكر.
وهذا لا دليل فيه على أفضليته على غيره فضلا عن خلافته، لأنه يحتمل أن يكون اتخاذه خليلا للين طبعه، أو حسن أخلاقه كما وصفوه به، أو لقدم صحبته، أو لكونه من أتراب النبي صلى الله عليه وآله وسلم المقاربين له في السن، أو لمصاهرته، أو لغير ذلك من الأمور التي تراعى في اتخاذ الصديق ، وإن كان غيره خيرا منه، وربما يتخذ الرجل الحكيم خليلا، إلا أنه لا يعتمد عليه في القيام بأموره المهمة، بل يسندها إلى غيره، وهو واضح لا يحتاج إلى مزيد بيان.