الدين بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يمكنه أن يحدث في الإسلام شيئا، اللهم إلا إذا كان يبطن خلاف ما يظهر، ولعل المراد بالارتداد هو الرجوع عن بعض الواجبات الدينية المهمة، والتنصل منها بعد توكيدها، كبيعة أمير المؤمنين عليه السلام بالخلافة كما سيتضح في المباحث الآتية إن شاء الله تعالى.
وعلى هذا يكون المراد في هذه الأحاديث: أنهم أحدثوا في الدين ما أحدثوا، وبدلوا في أحكام الله ما بدلوا.
وبما أن هذا المعنى يثير سؤالا، وهو: أنهم إذا كانوا قد اتبعوا الخليفة الحق المنصوص عليه من قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فكيف تأتي لهم أن يحدثوا في الدين ما شاءوا؟ أجاب بقوله: إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى أي رجعوا عن ما وقع منهم أو أمروا به من البيعة لأمير المؤمنين عليه السلام.
أحكام محرفة وبدع مستحدثة:
لقد روى القوم أحاديث كثيرة تدل على أن كثيرا من أحكام الدين قد غيرت وبدلت، وكثيرا من البدع قد استحدثت، وهذه الأحكام والبدع قد بقيت إلى يومنا هذا، يعمل الناس بها، ويتعبدون على طبقها.
وبما أن تلكم الأحاديث كثيرة جدا، وسردها كلها يستلزم الإطالة، وضياع المهم الذي نريد بيانه، فإنا سنذكر بعض الموارد التي وقع فيها ذلك، وسنذكر من الأحاديث ما يكون صحيحا عندهم، وهذه الروايات نقسمها إلى طوائف:
الطائفة الأولى: دلت على حلية نكاح المتعة, وأن تحريمها وقع بعد زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
منها: ما أخرجه مسلم في صحيحه عن عطاء قال: قدم جابر بن عبد الله معتمرا، فجئناه في منزله، فسأله القوم عن أشياء، ثم ذكروا المتعة، فقال: نعم استمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر.