ما هي الفرقة الناجية؟
تمهيد:
لقد جاءت الأحاديث الصحيحة المروية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم منذرة بافتراق الأمة إلى فرق كثيرة، وتشعبها إلى طوائف مختلفة، كلها في النار إلا واحدة.
وقد وقع ما أخبر به الصادق الأمين صلى الله عليه وآله وسلم، فافترقت هذه الأمة إلى فرق كثيرة يكفر بعضها بعضا، ويستحل بعضها دم بعض. وصارت كل فرقة تدعي أنها هي الفرقة المحقة، وأن أتباعها هم الناجون دون غيرهم من طوائف الأمة، وغدت كل طائفة تنافح في إثبات ذلك بكل ما أوتيت من جهد وقوة، فاختلقت الأحاديث الكثيرة التي تنتصر بها كل فرقة على غيرها من الفرق، وألفت كثير من الكتب المملوءة بالأحاديث الموضوعة المكذوبة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وصارت كل فرقة تحتج على غيرها بأقوال تنسبها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فزادت الفتنة، وعظمت المحنة، وخفي الحق، وانتشر الباطل، وصار الناس في ظلمة عمياء، إذا أخرج المرء فيها يده لم يكد يراها.
إلا أن الحق لا تختفي أنواره، ولا تندثر آثاره، فأعلامه لائحة، ودلائله واضحة، فإن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة تصدح بالحق وتصدع بالهدى، إلا أن مبتغي الحق يلزمه ألا يتعصب للمخلوقين، وأن يجانب هواه، وأن يفر من عبادة السادة والكبراء، وينأى عن تقليد الأجداد والآباء.