ولكن فيما ذكرناه كفاية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، والحمد لله رب العالمين.
خلاصة البحث:
لقد اتضح مما تقدم أمور:
1 - أن المذاهب إنما هي أمور مستحدثة، أحدثت بعد زمان النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأكثر من قرن من الزمان. ولم يرد نص من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على جواز التعبد بأي منها. وكل ما روي في فضلهم فلا يعدو أن يكون أحاديث موضوعة أو أحلام مكذوبة.
2 - أن علماء أهل السنة نصوا على عدم جواز التقليد في الدين، وعدم جواز التعبد بأي مذهب من المذاهب الأربعة وغيرها، وأكدوا أن وظيفة العامي هي اتباع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يجوز له أن يأخذ دينه من الرجال.
3 - أن أئمة المذاهب الأربعة نهوا عن تقليدهم، وأمروا بعرض ما ينقل من فتاواهم على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فما وافقها يؤخذ، وما خالفها يطرح.
4 - أن الأئمة الأربعة رجال غير معصومين، لهم عثرات وأخطاء، وقد طعن فيهم من طعن، بحق أو بغير حق.
فبعد هذا كله نسأل أهل السنة: هل يجوز التعبد بهذه المذاهب المستحدثة، وهل تبرأ ذمة المكلف باتباع واحد منها؟
لقد أجاب ابن حزم على هذا السؤال، فقال: وأما من أخذ برأي أبي حنيفة أو رأي مالك أو غيرهما ، فقد أخذ بما لم يأمره الله تعالى قط بالأخذ به، وهذه معصية لا طاعة (1).