وهو على فرض صحة سنده لا يدل على خلافة أبي بكر وعمر أيضا، لأن الاقتداء بينه وبين الخلافة عموم وخصوص من وجه، فقد يكون خليفة عند أهل السنة ولا يجوز الاقتداء به، وقد يكون مقتدى به وليس بخليفة، وقد يكون خليفة ومقتدى به. وعليه فالأمر بالاقتداء بأبي بكر وعمر لا يدل على خلافتهما بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ويؤيد ذلك ما ورد في بعض ألفاظ الحديث بعد ذلك: واهتدوا بهدي عمار، وتمسكوا بعهد ابن مسعود (1).
فإنهم لم يقولوا بدلالة هذا الحديث بهذا اللفظ على خلافة عمار من بعدهما ولا ابن مسعود، مع أن الأمر بالاهتداء بهدي عمار، أقوى دلالة على الخلافة من الاقتداء، لأن الله جل شأنه وصف الأئمة في كتابه بأنهم هداة إلى الحق، فقال عز من قائل (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) (2). وقال (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين) (3).
وأما الأمر بالاقتداء فورد في آية واحدة من كتاب الله، وهي قوله تعالى (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده), وهي مع ذلك اشتملت على ذكر الهدى، فكل من كان على الهدى جاز الاقتداء به، ولا عكس، إذ يجوز أن يقتدى بشخص عند أهل السنة في الصلاة مع كونه فاسقا فاجرا، أو في أي طريقة في أمور الدنيا نافعة مع كونه كافرا، كالاقتداء بحاتم في كرمه، وبالسموأل في وفائه، أو ما شاكل ذلك.
هذا مع أن بعض مفسري أهل السنة قالوا بأن قوله تعالى (أولئك) شاملة للأنبياء وغيرهم من المؤمنين.