بيعة الأفضل لا لأمر آخر، فإذا تحققت هذه البيعة فلا موضوعية للتروي أصلا.
وقول عمر: إلا أن الله وقى شرها يدل على أن تلك البيعة فيها شر، وأنه من غير البعيد أن تقع بسببها فتنة، إلا أن الله سبحانه وقى المسلمين شرها.
والشر الذي وقى الله هذه الأمة منه هو الاختلاف والنزاع، وإن كان قد وقع النزاع والشجار في سقيفة بني ساعدة، وخالف أمير المؤمنين عليه السلام وأصحاب فامتنعوا عن البيعة كما مر البيان، لكن هذا الخلاف لم يشهر فيه سيف، ولم يسفك فيه دم.
إلا أن فتنة الخلاف في الخلافة باقية إلى اليوم، وما افتراق المسلمين إلى شيعة وسنة إلا بسبب ذلك.
ومن يتتبع حوادث الصدر الأول يجد أن الظروف التاريخية ساعدت أبا بكر وعمر على تولي الأمر واستتبابه لهما، مع عدم أولويتهما بالأمر واستحقاقهما له، وذلك يتضح بأمور:
1 - إن انشغال أمير المؤمنين عليه السلام وبني هاشم بتجهيز النبي صلى الله عليه وآله وسلم حال دون ذهابه إلى السقيفة، واحتجاجه على القوم بما هو حقه. كما أن غفلة عامة المهاجرين وباقي الأنصار عما تمالأ عليه القوم في السقيفة، وحضور أبي بكر وعمر وأبي عبيدة دون غيرهم من المهاجرين، جعل الحجة لهم على الأنصار، إذ احتجوا عليهم بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
الأئمة من قريش.
ولأنه لم يكن من قريش في السقيفة غيرهم، فالخلافة لا بد حينئذ من أن تنحصر فيهم، لأن القوم كانوا عقدوا العزم على اختيار خليفة من بين من حضروا في السقيفة، لا يثنيهم عن ذلك شئ.
وقد سارع في تحقق البيعة لأبي بكر ما كان بين الأوس والخزرج من المشاحنات المعروفة، وما كان بين الخزرج أنفسهم من الحسد، ولذلك بادر