أكثرهم مخالفون لفتاوى علمائهم التي دلت على أنه يجب على المسلمين في كل عصر أن يبايعوا من يصلح منهم للإمامة، ومعرضون عن الأحاديث الصحيحة، غير عاملين بمضمونها، وبذلك تكون ميتتهم جاهلية بنص الأحاديث السابقة.
* * * * * وأما الشيعة الإمامية فقد ذهبوا إلى أن إمام هذا العصر هو المهدي المنتظر الإمام محمد بن الحسن العسكري عليهما السلام. فهو الإمام الحق على مسلك الشيعة وعلى مسلك أهل السنة أيضا.
أما على مسلك الشيعة فتدل على ذلك أدلة كثيرة، نكتفي ببعضها:
الدليل الأول: أن إمام المسلمين يجب أن يكون معصوما.
ويدل على ذلك أمور:
1 - أن غير المعصوم لا يوثق بصحة قوله، ويشك في نفاذ أمره وحكمه، لاحتمال خطئه ونسيانه وغفلته وجهله وكذبه، فلا يتوجه الأمر بطاعته مطلقا في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (1)، فإن الله سبحانه ساوى بين طاعته جل وعلا وطاعة أولي الأمر - وهم الأئمة -، وذلك لانتفاء الخطأ في الكل.
2 - أن غير المعصوم ظالم لنفسه، لوقوع المعاصي منه، فكل من ارتكب معصية فقد ظلم نفسه على أقل تقدير، فلا يصلح حينئذ للإمامة، لقوله تعالى (قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) (2). فذكر الظالمين بصيغة العموم يشمل من ظلم نفسه ومن ظلم غيره، ومراده بالعهد في الآية هو الإمامة بدليل الكلام المتقدم فيها.