وتابعو التابعين بلا خلاف من أحد منهم.
نسأل الله تعالى أن يثبتنا عليه، وأن لا يعدل بنا عنه، وأن يتوب على من تورط في هذه الكبيرة من إخواننا المسلمين، وأن يفئ بهم إلى منهاج سلفهم الصالح (1).
وسواء كانت هذه المذاهب سبقت هذا الزمان قليلا أو كثيرا فهي على كل حال لم تكن في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإنما استحدثت بعد أكثر من قرن من وفاته صلى الله عليه وآله وسلم.
فرض المذاهب الأربعة مذاهب رسمية: بقي العمل بالمذاهب المتعددة عند أهل السنة، الأربعة وغيرها ، إلى أن جعل الخلفاء المدارس وقصروا التدريس في هذه المذاهب، كما أن مناصب القضاء حصرت أيضا في القضاة الذين يقضون بفتاوى الأئمة الأربعة، واستمر الحال على ذلك إلى أن أمر السلطان الظاهر بيبرس الذي كان له النفوذ والسلطان على مصر والشام وغيرهما من بلاد الإسلام بجعل قضاة أربعة في مصر: لكل مذهب قاض خاص، وكان ذلك في سنة 663 ه، ثم جعل بعد ذلك بعام في بلاد الشام قضاة أربعة أيضا، وعلى ذلك استمر الحال، فانحصرت المذاهب عند أهل السنة في هذه الأربعة منذ ذلك الوقت إلى زماننا الحاضر. قال المقريزي : فلما كانت سلطنة الظاهر بيبرس البندقداري ولى بمصر أربعة قضاة، وهم شافعي ومالكي وحنفي وحنبلي، فاستمر ذلك من سنة 665 ه، حتى لم يبق في مجموع أمصار الإسلام مذهب يعرف من مذاهب الإسلام سوى هذه المذاهب الأربعة، وعملت لأهلها مدارس والخوانك والزوايا والربط في سائر ممالك الإسلام، وعودي من تمذهب بغيرها، وأنكر عليه، ولم يول قاض ولا قبلت شهادة أحد، ولا قدم للخطابة والإمامة من لم يكن مقلدا لأحد هذه المذاهب، وأفتى فقهاء الأمصار في طول هذه المدة