وقال الحسين بن علي الكرابيسي في الطعن في أحمد: أيش نعمل بهذا الصبي؟ إن قلنا: (مخلوق) قال: بدعة. وإن قلنا: (غير مخلوق) قال: بدعة (1).
* * * * * ولعل أحمد بن حنبل هو الذي سلم تقريبا من أن توجه إليه السهام والطعون كما وجهت لغيره، وذلك لأنه جعل جل عنايته في جمع الأحاديث، فصنف المسند الذي اشتمل على أكثر من خمسة وعشرين ألف حديث، ثم إنه حاول أن يفر من الفتوى (2)، ولم تعرف له فتاوى شاذة كثيرة كما عرفت لغيره، ثم إن محنة خلق القرآن أكسبته مكانة عظيمة عند الناس، وفتواه بوجوب طاعة السلطان وحرمة الخروج عليه وإن كان جائرا، أعطته منزلة كبيرة عند الخلفاء والسلاطين.
تعصب أهل السنة لمذاهبهم:
إن المتتبع لما كتبه أهل السنة - علماؤهم وغيرهم - يجد أن التعصب للمذاهب كان قويا جدا، ولم يسلم منه حتى من كان يتوقع منه التنزه عنه لجلالته وعلمه، والأمثلة على ذلك كثيرة جدا، ويمكن أن نقول: إن التعصب قد وقع على أنحاء مختلفة:
منه: ما نتج عنه رد الأحاديث والآثار النبوية، والعمل بفتوى إمام المذهب، وإن كان فيها مخالفة صريحة للنص الثابت.
وقال الفخر الرازي في تفسير قوله تعالى (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله): قال شيخنا ومولانا خاتمة المحققين والمجتهدين رضي الله