في سننهم، وأحمد في المسند وغيرهم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قيل لعمر: ألا تستخلف؟ فقال: إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني: أبو بكر، وإن أترك فقد ترك من هو خير مني: رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأثنوا عليه، فقال: راغب وراهب، وددت أني نجوت منها كفافا، لا لي ولا علي، لا أتحملها حيا وميتا (1).
فالنتيجة أن بيعة أبي بكر لم تكن بنص النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
بيعة أبي بكر لم تكن بالإجماع:
إذا اتضح أن خلافة أبي بكر لم تكن بالنص، فهل انعقد الإجماع عليها أم لا؟
تحرير الكلام في هذه المسألة من جهتين:
الجهة الأولى: أن الإجماع هل يصلح أن يكون دليلا في مسألة الخلافة أم لا؟ لا ريب في أن الإجماع لا يصلح أن يكون دليلا في هذه المسألة، فلا بد لمن يتولى الخلافة من مستند شرعي يصحح خلافته، وأما اتفاق الناس عليه فليس بحجة، لأن كل واحد من الناس يجوز عليه الخطأ، واحتمال الخطأ لا ينتفي بضم غيره إليه، ولا سيما إذا كان اجتماعهم حاصلا بأسباب مختلفة: كخوف بعضهم من حصول الفتنة، وكراهة بعض آخر من إبداء الخلاف، وخوف آخرين من الامتناع عن البيعة، أو ما شاكل ذلك مما سيأتي بيانه، فحينئذ لا يكون هذا مشمولا لما رووه عن النبي صلى الله عليه وسلم: لا تجتمع أمتي على