" لا بد للناس من أمير بر أو فاجر ". (1) ومن المعلوم أن ممارسة الإمرة وتجسيد الحكومة في الخارج ليس من شأنه سبحانه، بل هو شأن من يماثل المحكوم عليه في النوع ويشافهه ويقابله مقابلة الإنسان للإنسان، وعلى ذلك، فوجه الجمع بين حصر الحاكمية في الله سبحانه ولزوم كون الحاكم والأمير بشرا كالمحكوم عليه، هو لزوم كون من يمثل مقام الإمرة مأذونا من جانبه سبحانه لإدارة الأمور والتصرف في النفوس والأموال، وأن تكون ولايته مستمدة من ولايته سبحانه ومنبعثة منها.
وعلى هذا فالحكومات القائمة في المجتمعات يجب أن تكون مشروعيتها مستمدة من ولايته سبحانه وحكمه بوجه من الوجوه، وإذا كانت علاقتها منقطعة غير موصولة به سبحانه فهي حكومات طاغوتية لا مشروعية لها.
2. التوحيد في الطاعة لا شك أن من شؤون الحاكم والولي، لزوم إطاعته على المحكوم والمولى عليه، فإن الحكومة من غير لزوم إطاعة الحاكم تصبح لغوا، وقد تقدم أن الحاكم بالذات ليس إلا الله تعالى.
وعلى هذا، فليس هناك مطاع بالذات إلا هو تعالى وأما غيره تعالى، فبما أنه ليس له ولاية ولا حكومة على أحد إلا بإذنه تعالى وباستناد حكومته إلى حكومته سبحانه، فليس له حق الطاعة على أحد إلا كذلك.