نظير قوله تعالى: (وجعلكم ملوكا) مخاطبا لبني إسرائيل، والمراد بعضهم، والدليل على أن المراد بعض الأمة، هو أن أكثر أبنائها ليس لهم معرفة بالأعمال إلا بصورها إذا كانوا في محضر المشهود عليهم، وهو لا يفي في مقام الشهادة، لأن المراد منها هو الشهادة على حقائق الأعمال والمعاني النفسانية من الكفر والإيمان، وعلى كل ما خفي عن الحس ومستبطن عن الإنسان مما تكسبه القلوب الذي يدور عليه حساب رب العالمين يقول سبحانه:
(ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم). (1) وليس ذلك في وسع الإنسان العادي إذا كان حاضرا عند المشهود عليه، فضلا عن كونه غائبا، وهذا يدلنا على أن المراد رجال من الأمة لهم تلك القابلية بعناية من الله تعالى، فيقفون على حقائق أعمال الناس المشهود عليهم.
أضف إلى ذلك أن أقل ما يعتبر في الشهود هو العدالة والتقوى، والصدق والأمانة، والأكثرية الساحقة من الأمة يفقدون ذلك وهم لا تقبل شهادتهم على صاع من تمر أو باقة من بقل، فكيف تقبل شهادتهم يوم القيامة؟!
وإلى هذا تشير رواية الزبيري عن الإمام الصادق (عليه السلام)، قال:
" أفترى أن من لا تجوز شهادته في الدنيا على صاع من تمر، يطلب الله شهادته يوم القيامة ويقبلها منه بحضرة جميع الأمم الماضية؟! كلا، لم يعن الله مثل هذا من خلقه ". (2) 5. الأعضاء والجوارح:
يقول سبحانه: (يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا