عنده التظالم والتقاسم والتباغي أو معظمه، أو يكون الناس إلى ارتفاعه أقرب، وإن فقد من هذه صفته يقع عنده كل ما أشرنا إليه من الفساد أو يكون الناس إلى وقوعه أقرب، فالرئاسة على ما بيناه لطف في فعل الواجب والامتناع من القبيح، فيجب أن لا يخلي الله تعالى المكلفين منها، ودليل وجوب الألطاف يتناولها ". (1) هذا الاستدلال كما ترى مؤلف من مقدمتين:
الأولى: إن نصب الإمام لطف من الله على العباد.
الثانية: إن اللطف واجب على الله لما تقتضيه حكمته تعالى.
أما المقدمة الأولى، فلأن اللطف هو ما يقرب إلى الطاعة ويبعد عن المعصية ولو بالإعداد، وبالضرورة أن نصب الإمام كذلك لما به من بيان المعارف والأحكام الإلهية وحفظ الشريعة من الزيادة والنقصان وتنفيذ الأحكام ورفع الظلم والفساد ونحوها.
وأما المقدمة الثانية، فلأن ترك هذا اللطف من الله سبحانه إخلال بغرضه ومطلوبه وهو طاعة العباد له وترك معصيته فيجب على الله نصبه لئلا يخل بغرضه، ولا ينافي اللطف في نصبه سلب العباد سلطانه أو غيبته، لأن الله سبحانه قد لطف بهم بنصب المعد لهم، وهم فوتوا أثر اللطف على أنفسهم وإلى هذا أشار المحقق الطوسي بقوله:
" الإمام لطف فيجب نصبه على الله تعالى تحصيلا للغرض... ووجوده لطف وتصرفه لطف آخر وعدمه منا ". (2)