فالله سبحانه أمر نبيه بالمشاورة تعليما للأمة حتى يشاوروا في مهام الأمور ومنها الخلافة.
يلاحظ عليه أولا: أن الخطاب في الآية متوجه إلى الحاكم الذي استقرت حكومته، فيأمره سبحانه أن ينتفع من آراء رعيته، فأقصى ما يمكن التجاوز به عن الآية هو أن من وظائف كل الحكام التشاور مع الأمة، وأما أن الخلافة بنفس الشورى، فلا يمكن الاستدلال عليه بها.
وثانيا: أن المتبادر من الآية هو أن التشاور لا يوجب حكما للحاكم، ولا يلزمه بشئ، بل هو يقلب وجوه الرأي ويستعرض الأفكار المختلفة، ثم يأخذ بما هو المفيد في نظره، حيث قال تعالى:
(فإذا عزمت فتوكل على الله).
كل ذلك يعرب عن أن الآية ترجع إلى غير مسألة الخلافة والحكومة، ولأجل ذلك لم نر أحدا من الحاضرين في السقيفة احتج بهذه الآية.
الآية الثانية: قوله سبحانه:
(والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون). (1) ببيان أن كلمة " أمر " أضيفت إلى ضمير " هم " وهو يفيد العموم لكل أمر ومنه الخلافة، فيعود معنى الآية: إن شأن المؤمنين في كل مورد شورى بينهم.