الإسلامية، تربو على ستمائة ألف حديث، لم يصح لديه منها أكثر من أربعة آلاف، وكذلك كان شأن سائر الذين جمعوا الأحاديث وكثير من هذه الأحاديث التي صحت عندهم كانت موضع نقد وتمحيص عند غيرهم. (1) فهذه المجعولات على لسان الوحي، تقلع الشريعة من رأس، وتقلب الأصول، وتتلاعب بالأحكام، وتشوش التاريخ، أوليس هذا دليلا على عدم وفاء الأمة بصيانة دينها عن الانحراف والتشويش؟!
هذا البحث الضافي يثبت حقيقة ناصعة، وهي عدم تمكن الأمة، مع ما لها من الفضل، من القيام بسد الفراغات الهائلة التي خلفتها رحلة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ويبطل بذلك الاحتمال الثاني تجاه التشريع الإسلام بعد عصر الرسالة.
الاحتمال الثالث: أن يستودع صاحب الدعوة، كل ما تلقاه من المعارف والأحكام بالوحي، وكل ما ستحتاج إليه الأمة بعده، شخصية مثالية، لها كفاءة تقبل هذه المعارف والأحكام وتحملها، فتقوم هي بسد هذا الفراغ بعد رحلته ص وبعد بطلان الاحتمالين الأولين لا مناص من تعين هذا الاحتمال، فإن وجود إنسان مثالي كالنبي في المؤهلات، عارف بالشريعة ومعارف الدين، ضمان لتكامل المجتمع، وخطوة ضرورية في سبيل ارتقائه الروحي والمعنوي، فهل يسوغ على الله سبحانه أن يهمل هذا الأمر الضروري في حياة الإنسان الدينية؟
إن الله سبحانه جهز الإنسان بأجهزة ضرورية فيما يحتاج إليها في حياته الدنيوية المادية، ومع ذلك كيف يعقل إهمال هذا العنصر الرئيسي في حياته المعنوية والدينية؟! وما أجمل ما قاله أئمة أهل البيت في فلسفة وجود هذا الخلف ومدى تأثيره في تكامل الأمة.