يلاحظ عليه: أن الآية حثت على الشورى فيما يمت إلى شؤون المؤمنين بصلة، لا فيما هو خارج عن حوزة أمورهم، وكون تعيين الإمام داخلا في أمورهم فهو أول الكلام، إذ لا ندري - على الفرض - هل هو من شؤونهم أو من شؤون الله سبحانه؟ ولا ندري، هل هي إمرة وولاية إلهية تتم بنصبه سبحانه وتعيينه، أو إمرة وولاية شعبية يجوز للناس التدخل فيها؟
فإن قلت: لو لم تكن الشورى أساس الحكم، فلماذا استدل بها الإمام علي (عليه السلام) على المخالف، وقال مخاطبا لمعاوية:
" إنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه "؟ (1) قلت: الاستدلال بالشورى كان من باب الجدل حيث بدأ رسالته بقوله:
" أما بعد، فإن بيعتي بالمدينة لزمتك وأنت بالشام، لأنه بايعني الذين بايعوا أبا بكر وعمر... ".
ثم ختمها بقوله:
" فادخل فيما دخل فيه المسلمون ". (2) فالابتداء بالكلام بخلافة الشيخين يعرب عن أنه في مقام إلزام معاوية الذي يعتبر البيعة وجها شرعيا للخلافة، ولولا ذلك لما كان وجه لذكر خلافة الشيخين، بل لاستدل بنفس الشورى.