ولكن ليس معنى ذلك ترك البحث رأسا، فإنه إذا كان البحث نزيها موضوعيا يكون مؤثرا في توحيد الصفوف وتقريب الخطى، إذ عندئذ تتعرف كل طائفة على ما لدى الأخرى من العقائد والأصول، وبالتالي تكون الطائفتان متقاربتين، وهذا بخلاف ما إذا تركنا البحث مخافة الفرقة فإنه يثير سوء الظن من كل طائفة بالنسبة إلى أختها في مجال العقائد فربما تتصورها طائفة أجنبية عن الإسلام، هذا أولا.
وثانيا: إن لمسألة الخلافة بعد النبي بعدين: أحدهما تاريخي مضى عصره، والآخر بعد ديني باق أثره إلى يومنا هذا، وسيبقى بعد ذلك، وهو أنه إذا دلت الأدلة على تنصيب علي (عليه السلام) على الولاية والخلافة بالمعنى الذي تتبناه الإمامية يكون الإمام وراء كونه زعيما في ذلك العصر، مرجعا في رفع المشاكل التي خلفتها رحلة النبي، كما سيوافيك بيانها، فيجب على المسلمين الرجوع إليه في تفسير القرآن وتبيينه، وفي مجال الموضوعات المستجدة التي لم يرد فيها النص في الكتاب والسنة، فليس البحث متلخصا في البعد السياسي حتى نشطب عليه بدعوى أنه مضى ما مضى، بل له مجال أو مجالات باقية.
ولو كان البحث بعنوان الإمامة والخلافة مثيرا للخلاف ولكن للبحث صورة أخرى نزيه عنه، وهو البحث عن المرجع العلمي للمسلمين بعد رحلة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) في مسائلهم ومشاكلهم العلمية، وهل قام النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) بنصب شخص أو طائفة على ذلك المقام أو لا؟ والبحث بهذه الصورة لا يثير شيئا.
والشيعة تدعي أن السنة النبوية أكدت على مرجعية أهل البيت (عليهم السلام) في العقائد والمسائل الدينية، وراء الزعامة السياسية المحددة بوقت خاص ومن أوضحها حديث الثقلين المتواتر عند الفريقين ولا يشك في صحته إلا الجاهل به أو المعاند، فقد روي بطرق كثيرة عن