مبادئ تكون العصمة لا شك أن ملكة العصمة عن المعاصي لا تحصل لصاحبها إلا بلطف من الله تعالى وتوفيقه، والذي يعطي للإنسان أهلية وصلاحية للحصول عليها أمران:
1. العلم القطعي بعواقب المعاصي ونتائج الطاعات: فإنه يخلق في النفس وازعا قويا يصده عن ارتكاب الأعمال الخطيرة، وأمثاله في الحياة كثيرة، فلو وقف أحدنا على أن في الأسلاك الكهربائية طاقة من شأنها أن تقتل من يمسها عارية من دون عائق، فإنه يحجم من تلقاء نفسه عن مس تلك الأسلاك والاقتراب منها. وقس على ذلك سائر العواقب الخطيرة وإن كانت من قبيل السقوط في أعين الناس، وفقدان الكرامة وإراقة ماء الوجه، بحيث لا ترغد الحياة معه.
فإذا كان العلم القطعي بالعواقب الدنيوية لبعض الأفعال يوجد تلك المصونية عن الارتكاب في نفس العالم، فكيف بالعلم القطعي بالعواقب الأخروية للمعاصي ورذائل الأفعال؟ علما لا يداخله ريب ولا يعتريه شك، علما تسقط دونه الحجب فيرى صاحبه رأي العين، ويلمس لمس الحس تبعات المعاصي ولوازمها وآثارها في النشأة الأخرى، ذاك العلم الذي قال تعالى فيه:
(كلا لو تعلمون علم اليقين * لترون الجحيم). (1) وكأن الإمام عليا (عليه السلام) يصف هؤلاء بقوله:
" فهم والجنة كمن قد رآها فهم فيها منعمون، وهم والنار كمن قد رآها فهم فيها معذبون ". (2)