الأفراد في صورة المصيبة والشر، هو في عين الوقت تكون متضمنة لمصلحة النوع والاجتماع، فالحكم بأن هذه الظواهر شرور، تنافي مصلحة الإنسان، ينشأ من التفات الإنسان إليها من منظار خاص والتجاهل عن غير نفسه في العالم، من غير فرق بين من مضى في غابر الزمان ومن يعيش في الحاضر في مناطق العالم أو سوف يأتي ويعيش فيها.
وما أشبه الإنسان في مثل هذه الرؤية المحدودة بعابر سبيل يرى جرافة تحفر الأرض، أو تهدم بناء مثيرة الغبار والتراب في الهواء، فيقضي من فوره بأنه عمل ضار وشر، وهو لا يدري بأن ذلك يتم تمهيدا لبناء مستشفى كبير يستقبل المرضى ويعالج المصابين ويهيئ للمحتاجين إلى العلاج وسائل المعالجة والتمريض.
ولو وقف على تلك الأهداف النبيلة لقضى بغير ما قضى، ولوصف ذلك التهديم بأنه خير وأنه لا ضير فيما يحصل من ضوضاء الجرافة وتصاعد الغبار.
الثاني: ض آلة علم الإنسان ومحدوديته إن علم الإنسان المحدود هو الذي يدفعه إلى أن يقضي في الحوادث بتلك الأقضية الشاذة، ولو وقف على علمه الضئيل ونسبة علمه إلى ما لا يعلمه لرجع القهقرى قائلا:
(ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك). (1) ولأذعن بقوله تعالى:
(وما أوتيتم من العلم إلا قليلا). (2)