وفلق له السمع والبصر، وسوى له العظم والبشر، أنظروا إلى النملة في صغر جثتها ولطافة هيئتها لا تكاد تنال بلحظ البصر ولا بمستدرك الفكر، كيف دبت على أرضها وصبت على رزقها، تنقل الحبة إلى جحرها وتعدها في مستقرها، تجمع في حرها لبردها وفي وردها لصدرها (1)... فالويل لمن أنكر المقدر وجحد المدبر... ". (2) وقال الإمام الصادق (عليه السلام) في ما أملاه على تلميذه المفضل بن عمر:
" أول العبر والأدلة على الباري جل قدسه، تهيئة هذا العالم وتأليف أجزائه ونظمها على ما هي عليه، فإنك إذا تأملت بفكرك وميزته بعقلك وجدته كالبيت المبني المعد فيه جميع ما يحتاج إليه عباده، فالسماء مرفوعة كالسقف، والأرض ممدودة كالبساط، والنجوم مضيئة كالمصابيح، والجواهر مخزونة كالذخائر، وكل شئ فيه لشأنه معد، والإنسان كالمملك ذلك البيت، والمخول جميع ما فيه، وضروب النبات مهيئة لمآربه، وصنوف الحيوان مصروفة في مصالحه ومنافعه.
ففي هذا دلالة واضحة على أن العالم مخلوق بتقدير وحكمة ونظام وملائمة، وأن الخالق له واحد، وهو الذي ألفه ونظمه بعضا إلى بعض جل قدسه وتعالى جده ". (3)