3. لو فرضنا أن برهان النظم أثبت وجود الخالق العالم القادر، بيد أنه لا يدل مطلقا على الصفات الكمالية كالعدالة والرحمة التي يوصف بها.
والجواب عنها: إن هذه الإشكالات ناشئة من عدم الوقوف على رسالة برهان النظم ومدى ما يسعى إلى إثباته، أن رسالة برهان النظم تتلخص في إثبات أن النظام السائد في الكون ليس ناشئا من الصدفة ولا من خاصية ذاتية للمادة العمياء، بل وجد بعقل وشعور ومحاسبة وتخطيط، فله خالق عالم قادر.
وأما أن هذا الخالق الصانع هو الله الواجب الوجود الأزلي الأبدي أم لا، وأن علمه بالنظام الأحسن هل هو ذاتي فعلي أو انفعالي تدريجي، وأن النظام الموجود هل هو أحسن نظام أو لا؟ فهي مما لا يتكفل بإثباته هذا البرهان ولا أنه في رسالته ولا مقتضاه، بل لا بد في هذا المورد من الاستناد إلى براهين أخرى مثل برهان الإمكان والوجوب والاستناد بقواعد عقلية بديهية أو مبرهنة مذكورة في كتب الفلسفة والكلام، مثل أن علمه تعالى ذاتي فعلي وليس بانفعالي تدريجي، وأن النظام الكياني ناشئ عن النظام الرباني ومطابق له، وذلك النظام الرباني العلمي أكمل نظام ممكن، إلى غير ذلك من الأصول الفلسفية.