ومن هنا عمد أئمة أهل البيت (عليهم السلام) واحدا تلو الآخر، بصقل الأذهان وتنويرها بالبراهين الدامغة، مراعين فيها مستوى الأذهان يومذاك، بل وآخذين بالاعتبار، مستوى أذهان الأجيال القادمة.
وقد اهتم المسلمون من عصر الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بتدوين علم الكلام، مقتبسين أصوله من خطبه وكلمه، فلم يزل ينمو ويتكامل في ظل الاحتكاكات والمذاكرات، إلى أن دخل رابع القرون، فقامت شخصيات مفكرة كبيرة ألفت في ذلك المضمار كتبا قيمة.
فمن الشيعة نجد الشيخ الأقدم أبا إسحاق إبراهيم بن نوبخت والشيخ المفيد (413 ه) والشريف المرتضى (436 ه) وأبا الصلاح الحلبي (م 447 ه) وشيخ الطائفة الطوسي (460 ه) وابن زهرة الحلبي (585 ه) وسديد الدين الحمصي (600 ه) والمحقق الطوسي (672 ه) وابن ميثم البحراني (679 ه) والعلامة الحلي (726 ه) والفاضل المقداد (826 ه) و... من الأعلام الفطاحل، والعلماء الأفذاذ.
وما كتبته تلك الثلة المباركة في هذا الضمار رسائل جليلة تكفلت أداء الرسالة بصورة كاملة.
ولكن حيث إن كل عصر يطلب لنفسه طورا من التأليف يتناسب مع حاجات ذلك العصر ويستجيب لمطالبه، فلا بد من أبحاث في هذا العصر تناسب حاجاته ومتطلباته.
وقد قام شيخنا العلامة الحجة آية الله السبحاني - دام ظله - بهذه المهمة في عصرنا الحاضر، وهو ممن كرس قسما كبيرا من حياته في هذا المجال.
وقد أكثر من التأليف في هذا العلم، ودبجت يراعته أسفارا متنوعة مناسبة لكل مستوى من المستويات، ومن أحسن نتاجاته المباركة في هذا