جبلا، فان يفترق الحال عنده بين افضال عليه بعرف ابتداء وايصاله (1) اليه جزاء.
فان افترق فيما يحمل من أن يسف بعين اعتدال أو لحظ (2) كفه اعتبارا أو يكون لقدره عنده قدر الامتنان بالجزاء المذكور والجائزة الموصوفة اشاه أو يكون لاحلال (3) النعمة بالنائل الذي أعظمته والنوفل الذي أجسمته من هذه العلاوة في ترقيق قدر المنة أثر. وان كان قصدك في هذه العلاوة تحويل مزيد غبطة فهل حرية تعدل ذلك نعمة اخرى أو اضخم منها حجما وأنعم بالا وأوزن الوعيد عائدة؟ وأبعد من أن يكون في واجباته الوعيد بالجدع والسمل والصلب والقتل والتصديق لذلك الوعيد المبير عند الخلاف في ذلك الأمر الحقير.
وقد علمت أن من سيبرح به وعيدك ويلمسه (4) سوط عذابك ويقضي عليه سخطك و يفسده مكافأتك هم الجم الغفير والدهم الكثير والقبيل الاعد والسواد الاعم. فلقد بذرت لربح (5) وتيه بذرا أحصد ما شئت من وبال، واربح ما شئت من خسران.
فان كنت تضرب لله الامثال فهل موقع طاعتنا في هذه الدنيا عند ما نجازى به عنها في الاخرى الا دون موقع نقل الحصاة عند الجبلين بل دون دونه؟ أو هل موضعها من اعتداد الله الغنى بها الا دون موضعها من اعتداد الرجل ودون دونه؟ أفتعرض الله الان لما عرضت له ذلك المفند (6) في صنعه، الموبخ على أحواله، العابث (7) في أفعاله، المسفه في أعماله (8)، لا تضرب لله الأمثال ولا تجعله غرض الاوهام ومحط الظنون ومعتقد القياس، ثم تأمل.
واعلم انه لو كان أمرالله تعالى كامرك وصوابه كصوابك وجميله كجميلك وقبيحه كقبيحك لما خلق أبا الأشبال اعصل الانياب، احجن البراثن لايغذوه العشب (9) ولايعيشه الحب، انما يقيمه الابيض والخض الغريض الذى لم تطفأ غريزته ولم تبرد حرارته، ثم