وهذا أبو بصير المرادي شيخ الشيعة في عصر الصادق - عليه السلام - يروي عنه أنه سأله عن الوصية للوارث؟ فقال: تجوز (1).
4 - أن التعارض فرع عدم وجود الجمع الدلالي بين نص الكتاب والحديث، إذ من المحتمل جدا أن الرسول " صلى الله عليه وآله وسلم " ذكر قيدا لكلامه، ولم يسمعه الراوي أو سمعه، وغفل عن نقله، أو نقله ولم يصل إلينا وهو أنه مثلا قال:
" ولا تجوز وصية للوارث " إذا زاد عن الثلث أو بأكثر منه، كما ورد كذلك من طرقنا، وطرق أهل السنة. وقد عرفت: أن الدارقطني نقله عن الرسول الأكرم بهذا القيد (2) وقد ورد من طرقنا عن النبي الأكرم أنه قال في خطبة الوداع: " أيها الناس إن الله قد قسم لكل وارث نصيبه من الميراث، ولا تجوز وصية لوارث بأكثر من الثلث " (3).
وبعد هذه الملاحظات لا يبقى أي وثوق للرواية بالصورة الموجودة في كتب السنن.
أضف إلى ذلك: أن الإسلام دين الفطرة، ورسالته خاتمة الرسالات فكيف يصح أن يسد باب الإيصاء للوارث، مع أنه ربما تمس الحاجة إلى الايصاء للوارث، بعيدا عن الجور والحيف، من دون أن يثير عداء الباقين وحسد الآخرين كما إذا كان طفلا، أو مريضا، أو معوقا أو طالب علم، لا يتسنى له التحصيل إلا بعون آخرين.
كل ذلك يدعو فقهاء المذاهب في الأمصار، إلى دراسة المسألة من الأصل عسى أن يتبدل المختلف إلى المؤتلف والخلاف إلى الوفاق بفضله وكرمه سبحانه.