بقي الكلام في النصوص الدالة على الاحتساب أعني الصورة الثانية، فيلاحظ عليها بأمور:
1 - مخالفتها للكتاب، وما دل على عدم الاحتساب.
2 - أن غالب روايات الاحتساب لا تنسبه إلى النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " وإنما إلى رأي ابن عمر وقناعته، فلو كان النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " قد أمر باحتسابها، لكان المفروض أن يستند ابن عمر إلى ذلك في جواب السائل، فعدم استناده إلى حكم النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " دليل على عدم صدور ما يدل على الاحتساب من النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " نفسه، فتكون هذه النصوص موافقة للنصوص التي لم تتعرض للاحتساب، لأنها كلها تتفق في عدم حكم النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " باحتساب التطليقة، غايته اشتمل بعضها على نسبة الاحتساب إلى ابن عمر نفسه، وهو ليس حجة لإثبات الحكم الشرعي.
نعم روايتا نافع رويتا بصيغتين، نسب الحكم بالاحتساب في إحدى الصيغتين إلى النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " نفسه (الرواية 8 من القسم الثاني)، بينما رويت الثانية بصيغة أخرى تضمنت النسبة إلى ابن عمر بعدم الاحتساب (الرواية 3 من القسم الأول).
وأما رواية أنس فرويت بصيغتين تدلان أن الحكم بالاحتساب هو قناعة ابن عمر نفسه لا قول النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " (الرواية 4 و 6 من القسم الثاني) وبصيغة ثالثة نسبت الاحتساب إلى النبي (الرواية 5 من القسم الثاني) ومع هذا الاضطراب لا تصلح الرواية لإثبات نسبة الحكم بالاحتساب إلى النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " نفسه.
3 - أن فرض صحة التطليقة المذكورة لا يجتمع مع أمر النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " بإرجاعها وتطليقها في الطهر هذه، لأن القائلين بصحة الطلاق في