وقوله تعالى عن المنافقين الذين لا يقبلون حكم الرسول صلى الله عليه وآله، ويخالفونه ويشاقونه: وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا. (النساء: 61) ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا. (النساء: 115) وأخيرا، هل نسي عمر أنه بالأمس تصايح مع أبي بكر في حضرة النبي صلى الله عليه وآله فنزلت سورة الحجرات، ومنها قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون. (سورة الحجرات: 2) ألم ترووا أنتم أن سبب نزولها اختلافه مع أبي بكر على اقتراح تعيين زعيم قبيلة لبني تميم، مع أن الأمر لرسول الله صلى الله عليه وآله لا لعمر ولا لأبي بكر! قال البخاري: 6 / 46: (عن ابن أبي مليكة قال: كاد الخيران أن يهلكا أبا بكر وعمر، رفعا أصواتهما عند النبي (ص) حين قدم عليه ركب بني تميم فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخي بني مجاشع، وأشار الآخر برجل آخر، قال نافع لا أحفظ اسمه، فقال أبو بكر لعمر: ما أردت إلا خلافي! قال: ما أردت خلافك فارتفعت أصواتهما في ذلك، فأنزل الله: يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم.. الآية. قال ابن الزبير: فما كان عمر يسمع رسول الله (ص) بعد هذه الآية حتى يستفهمه). انتهى.
ومعنى كلامه أن عمر اتعظ بتوبيخ الله له ولأبي بكر في سورة الحجرات، فكان يخفض صوته عند النبي صلى الله عليه وآله فلا يسمع النبي صلى الله عليه وآله كلامه حتى يستفهمه منه فيعيده عليه! ويقول البخاري: 8 / 145: (فكان عمر بعد.... ذا حدث النبي (ص) بحديث حدثه كأخي السرار لم يسمعه حتى يستفهمه) انتهى.
فأين هذا الأدب الذي تزعمونه لعمر، وأين خفض صوته وكلامه بالهمس