فكيف يتمسكون بما أغفل ذبح الشاة للصنم، ويغمضون أعينهم عما فسر إجمال روايات البخاري ومسلم، مع أنه يجب حمل المجمل على المفسر؟!
بل روى أحمد وغيره هذه الفضيلة لزيد! وذكر أن النبي صلى الله عليه وآله وزيدا قصدا الصنم ليذبحا عنده، فذبحا الشاة وشوياها، وحملاها عائدين إلى مكة، فلقيهما زيد بن نفيل... الخ.
قال أحمد في فضائل الصحابة ص 25: (عن زيد بن حارثة قال خرج رسول الله (ص) وهو مردفي إلى نصب من الأنصاب فذبحنا له شاة ثم صنعناها له حتى إذا نضجت جعلناها في سفرتنا ثم أقبل رسول الله (ص) يسير وهو مردفي في يوم حار من أيام مكة، حتى إذا كنا بأعلى الوادي لقيه زيد بن عمرو بن نفيل... الخ.).
بل وصفت بعض رواياتها كيف صنعوا الشاة بعد ذبحها للصنم، وأنهم شووها في (الإرة) حتى نضجت، وفسر اللغويون وأصحاب غريب الحديث (الإرة) بكسر الهمزة وفتح الراء، بأنها التنور وشبهه، واستشهد بعضهم بالحديث!
قال الطبراني في معجمه الكبير: 5 / 86: (خرج رسول الله (ص) وهو مردفي إلى نصب من الأنصاب فذبحنا له شاة، ثم صنعناها في الإرة، فلما نضجت استخرجناها في سفرتنا، ثم ركب رسول الله (ص) ناقته وهو مردفي... الخ.)!
وفيه نص على أن النبي صلى الله عليه وآله هو الذي قصد الصنم ليذبح له، وأنه أمر زيدا بعد ذبح الشاة بشويها في تنور وجعلها في سفرة، وعاد بها إلى مكة مشوية تحمل بركة الصنم، فقد كان سفره إذن خاصا لأجل تقديم قربان للصنم!
فهل يمكنهم التغطية على هذه الفرية؟!
وهل ينفع البخاري بتره للحديث وأخذ منه الجزء الذي يدل على فضيلة لزيد بن نفيل ابن عم الخليفة عمر، حيث خاطب زيد النبي صلى الله عليه وآله بقوله: (إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم)! على حد تعبير بخاري!