السبب، وان الوجود المتطور لا يخرج من الفعل الا لسبب خارجي، وليس صراع بين التناقضات هو العلة الداخلية لذلك إذ ليست في الحركة وحدة للتناقضات والأضداد لتنجم الحركة عن الصراع بينها. فما دام الوجود المتطور في لحظة انطلاق الحركة خاليا من الدرجات أو النوعيات، التي سوف يحصل عليها في مراحل الحركة، ولم يكن في محتواه الداخلي الا امكان تلك الدرجات. والاستعداد لها. فيجب ان يوجد سبب لاخراجه من القوة إلى الفعل، لتبديل الامكان الثابت في محتواه الداخلي إلى حقيقة.
وبهذا نعرف ان قانون الحركة العامة في الطبيعة يبرهن بنفسه على ضرورة وجود مبدأ خارج حدودها المادية، ذلك ان الحركة بموجب هذا القانون هي كيفية وجود الطبيعة. فوجود الطبيعة عبارة أخرى عن حركتها وتدرجها. وخروجها المستمر من الامكان إلى الفعلية. وقد انهارت لدينا نظرية الاستغناء الذاتي للحركة بتناقضاتها الداخلية، التي تنبثق الحركة عن الصراع بينها - في زعم الماركسيين - إذ لا تناقض ولا صراع، فيجب ان يوجد التعليل، وان يكون التعليل بشيء خارج حدود الطبيعة، لأن أي شيء موجود في الطبيعة فوجوده حركة وتدرج، إذ لا ثبات في عالم الطبيعة بموجب قانون الحركة العامة، فلا يمكن ان نقف التعليل عند شيء طبيعي.
النقطة الثانية:
ان الحركة في الرأي الماركسي لا تقف عند حدود الواقع الموضوعي للطبيعة. بل تعم الحقائق والأفكار البشرية أيضا. فكما يتطور الواقع الخارجي للمادة وينمو، كذلك تخضع الحقيقة الادراكات الذهنية لنفس قوانين التطور والنمو، التي تجري على دنيا الطبيعة، وعلى هذا الأساس لا توجد في المفهوم الماركسي للفكرة حقائق مطلقة.
قال لينين:
((فالديالكتيك هو اذن - في نظر ماركس - علم القوانين العامة للحركة، سواء في العالم الخارجي أم الفكر البشري)) (1).