الاجتماع بين النقائض والمتقابلات، الذي يفرض على الموجود المتطور، التغير المستمر لدرجته وحده. وليس التناقض أو الديالكتيك المزعوم في الحركة، الا باعتبار الخلط بين القوة والفعل.
فالحركة في كل مرحلة لا تحتوي على درجتين، أو فعلتين متناقضتين، وانما تحتوي على درجة خاصة بالفعل، وعلى درجة أخرى بالقوة، ولذلك كانت الحركة خروجا تدريجيا من القوة إلى الفعل.
ولكن عدم الوعي الفلسفي الكامل، هو الذي صار سببا في تزوير مفهوم الحركة.
وهكذا يتضح ان قانون نقض النقض. وتفسير الحركة به، وكل ما أحيط به ذلك، من ضوضاء وضجيج وصخب وسخرية بالأفكار الميتافيزيقية، التي تؤمن بمبدأ عدم التناقض، ان كل ذلك مرده إلى المفهوم الفلسفي الذي عرضناه للحركة. والذي أساءت الماركسية فهمه، فاعتبرت تشابك القوة والفعل أو اتحادهما، في جميع مراحل الحركة، عبارة عن اجتماع فعليات متقابلة. وتناقض مستمر، وصراع بين المتناقضات فرفضت لأجل ذلك مبدأ عدم التناقض، وأطاحت بالمنطق العام كله. وليست هذه المحاولة الماركسية هي الأولى في بابها. فان بعض المفكرين الميتافيزيقيين حاولوا شيئا من ذلك، في التاريخ الفلسفي القديم مع فارق واحد، وهو ان الماركسية أرادت ان تبرر التناقض بهذه المحاولة، واما أولئك فحاولوا ان يبرهنوا على سلبية امكان الحركة، باعتبار انطوائها على التناقض. وللفخر الرازي محاولة من هذا القبيل أيضا، ذكر فيها ان الحركة عبارة عن التدرج، أي وجود الشيء على سبيل التدريج، وزعم ان التدرج في الوجود غير معقول، لأنه يؤدي إلى لون من التناقض. وقد أوضح المحققون من الفلاسفة أنها نشأت من عدم الوعي الصحيح لمعنى التدرج والوجود التدريجي.
ولما كنا نعرف الآن بكل وضوح، ان الحركة ليست صراعا بين فعليات متناقضة دائما، بل هي تشابك بين القوة والفعل، وخروج تدريجي للشيء من أحدهما إلى الآخر، نستطيع ان ندرك ان الحركة لا يمكن أن تكتفي ذاتيا عن