ينظر إلى اليورانيوم، كعنصر جامد لا يتحرك. بل يتابع سيره وحركته، ويكون مفهوما عنه في كل مرحلة من مراحله، فليس في ذلك موضع للنقاش، ولا يعني حركة ديالكتيكية في الحقائق والمفاهيم، فان كل مفهوم نكونه عن مرحلة معينة من مراحل تطور اليورانيوم، ثابت ولا يتطور ديالكتيكيا إلى مفهوم آخر، وانما يضاف اليه مفهوم جديد. وفي نهاية المطاف نملك عدة من المفاهيم والحقائق الثابتة، يصور كل منها درجة خاصة، من الواقع الموضوعي، فأين الجدل والديالكتيك في الفكر؟ وأين ذلك المفهوم الذي يتطور طبيعيا تبعا لتطور الواقع الخارجي؟
هذا كل ما يتصل بالمحاولة الماركسية الأولى وتفنيدها.
المحاولة الثانية: التي اتخذتها الماركسية للتدليل على ديالكتيك الفكر وتطوره هي أن الفكر أو الادراك ظاهرة من ظواهر الطبيعة، ونتاج عال للمادة، وبالتالي جزء من الطبيعة، فتحكمه نفس القوانين التي تسيطر على الطبيعة، ويتحرك وينمو ديالكتيكيا، كما تتحرك وتنمو جميع ظواهر الطبيعة.
ويلزمنا ان ننبه على أن هذا الدليل يختلف عن الدليل السابق. ففي المحاولة السابقة كانت الماركسية تبرهن على وجود الحركة في الفكر، عن طريق كونه انعاكسا للواقع المتحرك، والانعكاس لا يحصل بصورة تامة، إذا لم ينعكس الواقع المتحرك في الفكر على حركته ونموه. واما في هذه المحاولة فتستدل الماركسية على الحركة الديالكتيكية في الفكر، باعتباره جزءا من الطبيعة، فقوانين الديالكتيك تجري على المادة والادراك معا، وتشمل الواقع والفكر على السواء لان كلا منهما جانب من الطبيعة. فالفكرة أو الحقيقة متطورة ونامية، لا لأنها تعكس واقعا متطورا وناميا فحسب. بل لأنها هي بذاتها جزء من العالم المتطور طبقا لقوانين الديالكتيك. فالديالكتيك كما ينص على وجود الحركة الديناميكية القائمة على أساس التناقض الداخلي، في محتوى كل ظاهرة موضوعية من ظواهر الطبيعة. كذلك ينص عليها في ظواهر الفكر والادراك جميعا.
ولنقرأ فيما يتصل بالموضوع في هذا النص: