ويكتفي بما كونه من المفهوم العلمي عنه في تلك المرحلة المعينة.
فنحن اذن نؤمن بتطور الطبيعة، ونرى من الضروري دراستها في كل دور من أدوار نموها وحركتها، وتكوين مفهوم عنه. وليس هذا من مختصات الديالكتيك. وانما الذي يرفضه التفكير الميتافيزيقي. هو وجود حركة ديناميكية طبيعية في كل مفهوم ذهني. فالميتافيزيقية تطالب بالتمييز بين البويض. ومفهومنا العلمي عنه. فالبويض يتطور وينمو طبيعيا، فيغدو نطفة ثم جنينا وأما مفهومنا الذهني عنه، فهو مفهوم ثابت، لا يمكن ان ينمو ويصير نطفة في حال من الأحوال وانما يجب لأجل معرفة ما هي النطفة، ان نكون مفهوما آخر على ضوء مراقبة البويض في مرحلة جديدة. فمثل التفكير في ذلك كمثل الشريط السينمائي، الذي يلتقط عددا من الصور المتلاحقة. فليست الصورة الأولى في الشريط هي التي تتطور وتتحرك، وانما التتابع بين الصور هو الذي يشكل الشريط السينمائي.
وعلى هذا فالادراك البشري لا يعكس الواقع، الا كما يعكس الشريط ألوان الحركة والنشاط، التي يحفل بها الفيلم السينمائي. فالادراك لا يتطور ولا ينمو ديالكتيكيا تبعا للواقع المنعكس، وانما يجب تكون ادراك ثابت في كل مرحلة من مراحل الواقع.
ولنأخذ مثالا آخر من عنصر (اليورانيوم)، الذي يشع بأشعة (ألفا) و (بيتا) و (جاما) ويتحول بالتدريج إلى عنصر آخر، أخف منه في وزنه الذري، وهو عنصر (الراديوم)، الذي يتحول بدوره وبالتدريج إلى عنصر أخف منه، ويمر في أدوار حتى ينتهي إلى الرصاص. فهذا واقع موضوعي يشرحه العلم، ونكون على ضوئه مفهومنا الخاص عنه، فماذا تعني الماركسية بتطور المفهوم الذهني أو الحقيقة ديالكتيكيا طبقا لتطور الواقع؟ فان كانت تعني بذلك أن نفس مفهومنا العلمي عن (اليورانيوم)، يتطور تطورا ديالكتيكيا وطبيعيا، تبعا لتطور اليورانيوم نفسه، فيشع أشعته الخاصة، ويتحول في نهاية المطاف إلى رصاص. فهذا أقرب إلى حديث الظرف والفكاهة، منه إلى الحديث الفلسفي المعقول.
وان أرادت الماركسية، ان الانسان يجب أن لا