نور الأفهام في علم الكلام - السيد حسن الحسيني اللواساني - ج ٢ - الصفحة ٤٠
لكنه كالمصطفى في الخلق * يحظى بلينه المطيع المتقي ألم يكن من حسنه أصابه * سهم الذي رماه بالدعابه
____________________
و «لكنه» (عليه السلام) مع تلك الخشونة في ذات الله ابتغاء مرضاته كان (عليه السلام) في مكارم الأخلاق، واللين، والرأفة بالعباد «كالمصطفى في الخلق» الحسن، والحلم العظيم، بحيث كان «يحظى بلينه» أي: يدنو منه، ويحبه ويسعد به ويبلغ مرامه منه (عليه السلام) بسبب لينه وبشاشته «المطيع» لله «المتقي» المتحذر من عذابه وغضبه.
ويشهد لذلك افتراء عدوه عليه بكثرة المزح كذبا وزورا «ألم يكن من حسنه» في العشرة مع الناس، وخلقه العظيم في احتمال المكاره منهم «أصابه» من قوس الحسد «سهم الذي رماه بالدعابة؟» بضم الدال، بمعنى: المزاح وما يستملح.
فإن الخليفة الثاني عند رحلته حار في تعيين الخليفة من بعده، وكان كل ما عرض عليه أحد من الصحابة، رماه بشيء يوجب انحطاطه وعدم لياقته لذلك، حتى عرض عليه تعيين ذلك الحجة الكبرى، فرماه بذلك (1) حيث لم يجد فيه من النواقص شيئا يمكن إلصاقه به، وذلك مما يبرهن خلوه (عليه السلام) عن كل نقص وشين، حتى عند من نظر إليه بعين الحقد والحسد، فضلا عن غيره.
فإنه قد صح قول الشاعر:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة * ولكن عين السخط تبدي المساويا (2) وأعظم من ذلك مدح معاوية له (عليه السلام) وهو أعدى عدوه وألد خصمائه، وهو المنشد أبياتا يزكيه فيها (3) ومنها ما نسب إليه:

(١) أي: أن عمر بن الخطاب ذكر - بنظره - من يصلح للإمامة في الشورى، ولما ذكر عليا (عليه السلام) وصفه بالدعابة، انظر تفصيل الكلام فيه في شرح نهج البلاغة (ابن أبي الحديد) ١٢: ٢٧٨ والفصول المختارة (مصنفات الشيخ المفيد) ٢: ٣٤٢.
(٢) البيت لعبد الله بن معاوية بن عبد الله الجعفري، انظر الأغاني ١٢: ٢١٤.
(٣) انظر الغدير ١: ٣٣٠ و 2: 157.
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»
الفهرست