نور الأفهام في علم الكلام - السيد حسن الحسيني اللواساني - ج ٢ - الصفحة ٣٩

____________________
بيته (عليهم السلام) اتفاقا من الفريقين، وذلك بعدما طووا جياعا صائمين ثلاثة أيام، وأطعموا فطورهم للمسكين واليتيم والأسير (1) فأخبر سبحانه عن نواياهم وضمائرهم في عملهم ذلك بعد حكايته قصتهم بقوله تعالى: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا).
فقال عز من قائل حكاية عنهم: (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا) (2).
وإن القوم حيث عرفوه كذلك، وعلموا أنه إن انتهت إليه الرئاسة لا يجيبهم إلى ما يطلبون، ولا يتعدى حدود الله تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى ما يطمعون «فالأمر لا يجري» عندئذ «على هواهم» وإنه لا يتبع شهواتهم ورغبتهم.
انحرفوا عنه، ومالوا إلى غيره ممن لم يكن كذلك، ونعم الحكم الله، والزعيم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، والموعد القيامة.
وإن قصة ذلك الحجة الكبرى (عليه السلام) مع أخيه عقيل، وخشونته في ذات الله تعالى مشهورة، مذكورة في نهج البلاغة (*) على ما ذكره هو (عليه السلام) بنفسه، فراجع.

(*) فإنه قال في بعض خطبه: " ولقد رأيت عقيلا أخي، وقد أملق (٣) حتى استماحني (٤) من بركم صاعا " إلى قوله (عليه السلام): " ورأيت أطفاله شعث (٥) الألوان من ضرهم، وكأ نما اشمأزت وجوههم من قرهم (٦) " (٧) إلى قوله (عليه السلام): " فأحميت له حديدة، ثم أدنيتها من جسمه، فضج من ألمها، فقلت له: ثكلتك الثواكل يا عقيل: أتئن من حديدة أحماها إنسانها للعبه، وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه، أتئن من الأذى ولا أئن من لظى " (٨) إلى آخر كلامه (عليه السلام).
(١) انظر الكشاف ٤: ٦٧٠، الوسيط (الواحدي) ٤: ٤٠١، تفسير النيسابوري ٦: ٤١٢، مجمع البيان ٥: ٤٠٤.
(٢) الإنسان: ٩ - ١٠.
(٣) أملق: افتقر أشد الفقر.
(٤) استماحني: استعطاني.
(٥) شعث: جمع أشعث وهو من الشعر المتلبد بالوسخ.
(٦) قر اليوم قرا: برد، المصباح المنير: ٤٩٦ (قرر).
(٧) بدل ما بين القوسين في نهج البلاغة: غبر الألوان من فقرهم.
(٨) نهج البلاغة (صبحي الصالح): ٣٤٦ / ٢٢٤ من كلام له (عليه السلام)، المناقب لابن شهرآشوب 2:
109 في المسابقة بالعدل والأمانة.
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست