تعالى، والأول فتلك الفائدة إما أن تعود إلى الله أو إلى العبد أو إليهما، والأول والثالث باطلان لتنزهه تعالى عن فائدة تعود إليه، فتعين الثاني. هي إما أن تعود إلى العبد في العاجل، وهو باطل لأن اشتغال العبد بالعبادة الشاقة محض الضرر أو راجح الضرر، فتعين أن تعود إليه في الأجل، وهو نفس الثواب المستحق بالطاعة التي يقبح بدونها الابتداء به.
(الثاني) إن التكليف إلزام مشقة، وإلزام المشقة من غير عوض قبيح عقلا فالتكليف من غير عوض قبيح عقلا. والمقدمتان ضروريتان.
وأما المنقول: فقوله تعالى " جزاء بما كانوا يعملون " وأمثاله (1).
ثم الثواب إما أن يكون مما يجوز الابتداء بمثله أو لا يجوز، والأول باطل وإلا لكان توسط التكليف لأجله عبثا. وهو محال من الحكيم.
احتج الخصم بوجهين:
(أحدهما) أن الإنعام يوجب على المنعم الشكر والخدعة، ونعم الله على العبد لا تحصى كما قال تعالى " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها " (2) فكانت موجبة لأداء شكره، وأداء الواجب لا يكون علة لاستحقاق شئ آخر عليه تعالى.
(الثاني) إنا بينا أن صدور الفعل عن العبد يتوقف على الداعي، وأن مجموع القدرة والداعي يوجب الفعل، وأن الجميع من فعل الله تعالى، وما كان فعله لا يوجب عليه ثوابا.
وجواب الأول: لا نسلم أن أداء الواجبات لا يكون علة لاستحقاق شئ آخر لما بينا أنه لا بد فيه من فائدة تعود إلى المكلف في الأجل، وهي الثواب.