النبي لناقض غرضه من بعثه وإرساله، لكن اللازم باطل فالملزوم مثله. فعصمة النبي واجبة في الحكمة.
أما الملازمة: فلأن بتقدير وقوع المعصية منه جاز أن يأمرهم بما هو مفسدة لهم وينهاهم عما هو مصلحة لهم، وذلك مستلزم لإغوائهم وإخلالهم، فكان في بعثه غير معصوم مناقضة للغرض من بعثه.
وأما بطلان اللازم: فلأن مناقضة الغرض يستلزم السفه والعبث، وهما محالان على الحكيم كما تقدم في باب اللطف.
(الثاني) لو جاز صدور المعصية عن النبي لوجب علينا فعل المفسدة أو ترك المصلحة الواجبة، لكن اللازم باطل فالملزوم مثله.
بيان الملازمة: أنه يجب علينا فعل ما أمرنا به والانتهاء عما نهانا عنه لقوله تعالى " ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " (1)، فبتقدير أن يجوز المعصية عليه جاز أن يوجب علينا ما هو محرم ويحرم علينا ما هو واجب، ويجب علينا اتباعه في ذلك.
وأما بطلان اللازم: فلأن أمر الحكيم لنا باتباعه مطلقا يستلزم أمره لنا بفعل القبيح إذن، لكن الأمر بالقبيح قبيح ممتنع عليه تعالى.
(الثالث) لو جاز صدور المعصية عنهم لكان بتقدير وقوعها منهم لا تقبل شهاداتهم، لقوله تعالى " إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا " (2) لكن اللازم باطل لأنها إذا لم تقبل في محقرات الأمور فكان أولى أن لا تقبل في الأديان الباقية إلى يوم القيامة.