____________________
الباري تعالى فالحق أن قياس الغائب على الشاهد فيما ذكر مما لا وجه له كيف وصبر الله تعالى وحلمه بحر لا نهاية له فكيف يقاس في السعة والإحاطة على صبر عباده الذي هو بمنزلة القطرة منه نعم ما أراده الله تعالى إرادة تامة لا يتخلف عنها وأما ما أراده أن يفعله العبد برغبته واختياره ابتلاء له ففي عدم جواز تخلفه بحث ظاهر (قوله وخالق الشئ بلا إكراه مريد له) فيه بحث لأن الخلق المطلق لا يدل على الإرادة لاحتمال الايجاب والخلق بالقدرة يدل لكن يؤول هذا الدليل حينئذ إلى الدليل الثاني وأيضا يكون قوله بلا إكراه مستدركا والجواب أن المراد الخلق بالقدرة لكن نفي الاكراه بعد ثبوت القدرة يكفي في إثبات الإرادة ولا يلاحظ ههنا أن مخصص بعض المقدورات بالوقوع هو الإرادة بخلاف الوجه الثاني فإن مثبت الإرادة فيه هو هذا (قوله قد ثبت أن جميع الممكنات مقدورة لله تعالى) فائدة إلحاق هذا الكلام دفع ما يقال من أن الإرادة مرجحة في فعل المريد لا في فعل الغير فعلى تقدير كون أفعال العباد مخلوقة لهم لا يحتاج إلى إرادته تعالى أعني التخصيص فيها (قوله وفيه بحث لأن عدم إيمان الكافر الخ) فيه بحث لأن هذا إنما يرد على توجيه كلام المصنف في حمل أحد الطرفين فيه على الأحد الغير المعين وأما لو حمل على أحدهما معينا أعني الطرف المستحيل فلا إذ عدم تصور الصفة المرجحة في الطرف الممتنع ظاهر بخلافه في الطرف الواجب فإن الوجوب أثر العلم والعلم يتبع الوقوع والوقوع أثر الإرادة القديمة فليتأمل