ليس له أن يفعله إن الإقدام عليه لا يلائم عقل العقلاء (ويتبعه) أو يتبع هذا التعريف المذكور للقبيح تعريفان آخران له أحدهما (أنه) فعل (يستحق الذم فاعله) المتمكن منه ومن العلم بحاله وذلك أنه لم يكن له أن يفعله (و) ثانيهما (أنه) فعل هو (على صفة تؤثر في استحقاق الذم) إذ لو لم يكن كذلك لكان للقادر العالم به أن يفعله (والذم قول أو فعل أو ترك قول أو فعل ينبئ عن اتضاع حال الغير) وانحطاط شأنه وإذا تصورت هذا التحرير تقول (لنا) على أن
الحسن والقبح ليسا عقليين (وجهان * الأول أن العبد مجبور في أفعاله وإذا كان كذلك لم يحكم العقل فيها بحسن ولا قبح) لأن ما أوليس فعلا اختياريا لا يتصف بهذه الصفات (اتفاقا) منا ومن الخصوم (بيانه) أي بيان كونه مجبورا (أن العبد إن لم يتمكن من الترك فذاك هو الجبر) لأن الفعل حينئذ واجب والترك ممتنع (وإن تمكن) من الترك (ولم
يتوقف) وجود الفعل منه (علي مرجح بل صدر عنه تارة ولم يصدر عنه أخرى من غير سبب) يرجح وجوده على عدمه (كان ذلك) الفعل حينئذ (اتفاقيا) صادرا بلا سبب يقتضيه فلا لا يكون اختياريا لأن الفعل الاختياري لا بد له من إرادة جازمة ترجحه (وإن توقف) وجود الفعل منه (على مرجح لم يكن ذلك) المرجح (من العبد وإلا) نقلنا الكلام إلى صدور ذلك المرجح عنه و (تسلسل) وهو محال (ووجب الفعل عنده) أي عند المرجح الذي
يتوقف عليه (وإلا جاز معه الفعل والترك واحتاج) حينئذ (إلى مرجح آخر) إذ لو لم يحتج إليه وصدر عنه تارة ولم يصدر عنه أخرى كان اتفاقيا كما مر وإذا احتاج إلى مرجح آخر نقلنا الكلام إليه (وتسلسل فيكون) الفعل على تقدير وجوبه مع ذلك المرجح (اضطراريا وعلى التقادير) أعني امتناع الترك وكون الفعل اتفاقيا أو اضطراريا (فلا
اختيار للعبد) في
____________________
ألحد وعدم تقدير الموصوف المذكور إذ لا شك في قبحه وهو مناط ما ذكره في التلويح (قوله صادرا بلا سبب) أشار إلى أنه المراد بالاتفاق ههنا وإن كان معناه في المنطق ما يتوقف على مرجح تام لا نعلمه بعينه (قوله وتسلسل وهو محال) قد مر منا أنه إنما يلزم التسلسل إذا كان صادرا عن العبد باختياره وأما إذا صدر عنه لا به فلا واعلم أن بعض الاعتراضات التي أوردناها في المقصد الأول من هذا المرصد متوجه على ما ذكره في هذا المقصد أيضا فلا حاجة إلى تكريرها فليطلب منه (قوله كان اتفاقيا كما مر) أي صادرا بلا سبب يقتضيه ويخصص وجوده بالنسبة إلى ذلك الوقت الذي وقع فيه فإن قلت المرجح الأول يجوز أن يرجح وقت وجوده على سائر الأوقات كما أنه يرجح نفس وجوده على عدمه إذ لا ممانعة بين المرجحين قلت لما كان المرجح الأول هو الاختيار المعلق به في الوقتين معا على الغرض السابق كان نسبته إلى الوقتين حينئذ على السوية فلا معنى لترجيحه وقت وجوده على سائر