شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ١٨٥
ليس له أن يفعله إن الإقدام عليه لا يلائم عقل العقلاء (ويتبعه) أو يتبع هذا التعريف المذكور للقبيح تعريفان آخران له أحدهما (أنه) فعل (يستحق الذم فاعله) المتمكن منه ومن العلم بحاله وذلك أنه لم يكن له أن يفعله (و) ثانيهما (أنه) فعل هو (على صفة تؤثر في استحقاق الذم) إذ لو لم يكن كذلك لكان للقادر العالم به أن يفعله (والذم قول أو فعل أو ترك قول أو فعل ينبئ عن اتضاع حال الغير) وانحطاط شأنه وإذا تصورت هذا التحرير تقول (لنا) على أن الحسن والقبح ليسا عقليين (وجهان * الأول أن العبد مجبور في أفعاله وإذا كان كذلك لم يحكم العقل فيها بحسن ولا قبح) لأن ما أوليس فعلا اختياريا لا يتصف بهذه الصفات (اتفاقا) منا ومن الخصوم (بيانه) أي بيان كونه مجبورا (أن العبد إن لم يتمكن من الترك فذاك هو الجبر) لأن الفعل حينئذ واجب والترك ممتنع (وإن تمكن) من الترك (ولم يتوقف) وجود الفعل منه (علي مرجح بل صدر عنه تارة ولم يصدر عنه أخرى من غير سبب) يرجح وجوده على عدمه (كان ذلك) الفعل حينئذ (اتفاقيا) صادرا بلا سبب يقتضيه فلا لا يكون اختياريا لأن الفعل الاختياري لا بد له من إرادة جازمة ترجحه (وإن توقف) وجود الفعل منه (على مرجح لم يكن ذلك) المرجح (من العبد وإلا) نقلنا الكلام إلى صدور ذلك المرجح عنه و (تسلسل) وهو محال (ووجب الفعل عنده) أي عند المرجح الذي يتوقف عليه (وإلا جاز معه الفعل والترك واحتاج) حينئذ (إلى مرجح آخر) إذ لو لم يحتج إليه وصدر عنه تارة ولم يصدر عنه أخرى كان اتفاقيا كما مر وإذا احتاج إلى مرجح آخر نقلنا الكلام إليه (وتسلسل فيكون) الفعل على تقدير وجوبه مع ذلك المرجح (اضطراريا وعلى التقادير) أعني امتناع الترك وكون الفعل اتفاقيا أو اضطراريا (فلا اختيار للعبد) في
____________________
ألحد وعدم تقدير الموصوف المذكور إذ لا شك في قبحه وهو مناط ما ذكره في التلويح (قوله صادرا بلا سبب) أشار إلى أنه المراد بالاتفاق ههنا وإن كان معناه في المنطق ما يتوقف على مرجح تام لا نعلمه بعينه (قوله وتسلسل وهو محال) قد مر منا أنه إنما يلزم التسلسل إذا كان صادرا عن العبد باختياره وأما إذا صدر عنه لا به فلا واعلم أن بعض الاعتراضات التي أوردناها في المقصد الأول من هذا المرصد متوجه على ما ذكره في هذا المقصد أيضا فلا حاجة إلى تكريرها فليطلب منه (قوله كان اتفاقيا كما مر) أي صادرا بلا سبب يقتضيه ويخصص وجوده بالنسبة إلى ذلك الوقت الذي وقع فيه فإن قلت المرجح الأول يجوز أن يرجح وقت وجوده على سائر الأوقات كما أنه يرجح نفس وجوده على عدمه إذ لا ممانعة بين المرجحين قلت لما كان المرجح الأول هو الاختيار المعلق به في الوقتين معا على الغرض السابق كان نسبته إلى الوقتين حينئذ على السوية فلا معنى لترجيحه وقت وجوده على سائر
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344