بالقضاء لا بالمقضى والكفر مقضى لا قضاء والحاصل أن الانكار) المتوجه نحو الكفر إنما هو (بالنظر إلى المحلية لا إلى الفاعلية) يعني أن للكفر نسبة إلى الله سبحانه باعتبار فاعليته له وإيجاده إياه ونسبة أخرى إلى العبد باعتبار محليته له واتصافه به وإنكاره باعتبار النسبة الثانية دون الأولى (والرضاء بالعكس) أي الرضاء به إنما هو باعتبار النسبة الأولى دون الثانية (والفرق بينهما ظاهر) وذلك لأنه أوليس يلزم من وجوب الرضاء بشئ باعتبار صدوره عن فاعله وجوب الرضاء به باعتبار وقوعه صفة لشئ آخر (إذ لو صح ذلك لوجب الرضاء بموت الأنبياء) وهو باطل إجماعا * (الرابع لو أراد الله الكفر وخلاف مراد الله ممتنع) عندكم (كان الأمر بالإيمان تكليفا بما لا يطاق) لأن الإيمان ممتنع الصدور عنه حينئذ (قلنا الذي يمتنع التكليف به) عندنا (ما لا يكون متعلقا للقدرة) الكاسبة (عادة) أما لاستحالته في نفسه كالجمع بين النقيضين وأما لاستحالة صدوره عن الإنسان في مجاري العادة كالطيران في الجو (لا ما يكون مقدورا) بالفعل (للمكلف به والإيمان في نفسه) أمر (مقدور) يصح أن تتعلق به القدرة الكاسبة عادة (وإن لم يكن مقدورا) بالفعل (للكافر لأن القدرة عندنا مع الفعل) لا قبله وعدم المقدورية بهذه المعنى لا يمنع التكليف فإن المحدث مكلف بالصلاة إجماعا (فهذه دلائل العقل) لهم (وربما احتجوا بآيات) تدل على أنه تعالى لا يريد الكفر والمعاصي (الأولى سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شئ) حكى الله تعالى عنهم أنهم قالوا أشركنا بإرادة الله تعالى ولو أراد عدم إشراكنا لما أشركنا ولما صدر عنا تحريم المحللات فقد أسندوا كفرهم وعصيناهم إلى إرادته تعالى كما تزعمون أنتم ثم إنه تعالى رد عليهم مقالتهم وبين بطلانها وذمهم عليها بقوله (كذلك كذب الذين من قبلهم قلنا قالوا ذلك) الكلام (سخرية) من النبي ودفعا لدعوته وتعللا لعدم إجابته وانقياده لا تفويضا للكائنات إلى مشيئة الله تعالى فما صدر عنهم كلمة حق وأريد بها باطل (ولذلك ذمهم الله بالتكذيب) لأنهم قصدوا به تكذيب النبي في وجوب اتباعه والمتابعة (دون الكذب) لأن ذلك الكلام في نفسه صدق وحق (وقال آخر قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين) فأشار إلى صدق مقالتهم وفساد غرضهم (الثانية كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها) فإنها تدل على أن ما كان سيئة أي معصية فإنه مكروه عند الله والمكروه لا يكون مرادا (قلنا) أراد كونه (مكروها للعقلاء منكرا لهم في مجارى عاداتهم
(١٧٧)