شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ١٧٥
على إطلاق قولهم ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن) فإن هذا مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد تلقته الأمة بالقبول فيصح أن يكون مؤيدا بل ربما يحتج به أيضا وإنما صرح بالإطلاق دفعا لتوهم التقييد بأفعاله تعالى أو بما أوليس من أفعال العباد الاختيارية كما تأوله به المعتزلة هذا التوهم إنهم كانوا يوردون كلامهم في معرض تعظيم الله وإعلاء شأنه (والأول) وهو ما شاء الله كان (دليل الثاني) وهو أنه تعالى غير مريد لما لا يكون وذلك لأنه ينعكس بعكس النقيض إلى قولنا كل ما لم يكن لم يشأ الله (والثاني) أعني ما يشأ لم يكن (دليل الأول) لانعكاسه بذلك الطريق إلى قولنا كل ما كان فقد شاء الله (احتجوا) أي المعتزلة على أنه تعالى لا يريد الكفر والمعاصي (بوجوه) عقلية * (الأول لو كان تعالى مريدا لكفر الكافر وقد أمره بالإيمان فالآمر بخلاف ما يريده يعد) عند العقلاء (سفيها) فيلزم السفه في أحكام الله (تعالى عن ذلك علوا كبيرا قلنا لا نسلم أن الآمر بخلاف ما يريده يعد سفيها وإنما يكون كذلك لو كان الغرض من الآمر منحصرا في إيقاع المأمور به يوضحه وجوه ثلاثة * الأول أن الممتحن لعبده هل يطيعه أم لا قد يأمره ولا يريد منه الفعل) أما الأول وهو أن الصادر منه أمر حقيقة فلأنه إذا أتى العبد بالفعل يقال امتثل أمر سيده (و) أما الثاني وهو أنه لا يريه الفعل منه (يحصل مقصوده) وهو الامتحان (أطاع أو عصى) فلا سفه في الأمر بما لا يريده الآمر (الثاني أنه إذا عاتب
____________________
(قوله في معرض تعظيم الله تعالى) لا يخفى أن هذا كلام خطابي إذ إيجاد الأجرام العظام من السماوات والأرضين وما بينها من الذوات بل كان ما دخل تحت الإمكان غير الحركات الجزئية والأعراض البشرية المحسوسة أمر عظيم فيه تعظيم وإعلاء شأن (قوله وذلك ينعكس بعكس النقيض الخ) فيه بحث لأن انعكاس الكلية كنفسها على طريقة القدماء مردود عند المتأخرين وهذا الاستدلال مبنى عليه فإن قلت مردوديته باعتبار عدم كليته لا ينافي الاستدلال به في المادة الجزئية قلت هذا حق في نفسه لكن ينافي ما ذكره في المقصد الرابع من المرصد الثالث في أقسام العلم حيث رد قول المدعي فيه بعدم انعكاس الكلية كنفسها وقد أشير إلى هذا هناك أيضا (قوله هل يطيعه أم لا) فيه إتيان المعادل بهل والنحاة يأبونه إلا أن يحمل أم على المنقطعة كما في قوله عليه السلام هل تزوجت بكرا أم ثيبا والمقام لا يساعده كما لا يخفى اللهم أن تحمل على مذهب ابن مالك وإن كان مردودا كما حققناه في حواشي المطول (قوله فلأنه إذا أتى العبد بالفعل الخ) فيه بحث لأنه إذا لم يكن طالبا لفعله حقيقة لم تكن الصيغة أمرا إلا ظاهرا فيجوز أن يكون ذلك القول بالنظر إلى ظاهر الحال لعدم الاطلاع على سريرة المقال اللهم إلا أن يقال المعلوم فيما نحن فيه أيضا تحقق صيغة الأمر بالنسبة إلى إيمان الكافر وأما تحقق حقيقته إذا اعتبر فيه الاقتضاء حقيقة فقد لا نسلم فإن قلت إذا لم يتحقق حقيقة الأمر يلزم أن لا يؤاخذ أحد بترك الامتثال قلت لم لا يجوز أن تكون
(١٧٥)
مفاتيح البحث: مدرسة المعتزلة (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344