لمخالفته المصلحة) فليس قوله عند ربك ظرفا لقوله مكروها (أو) أراد بقوله مكروها كونه (منهبا عنه مجازا) وإنما يرتكب هذا التجوز (توفيقا للأدلة) أي جمعا بين هذه الآية وبين ما ذكرناه من الدلائل (الثالثة وما الله يريد ظلما للعباد مع أن
الظلم من العباد (كائن) بلا شبهة فبعض الكائنات أوليس مراد الله (قلنا أي) لا يريد (ظلمه) لعباده لا ظلم بعضهم على بعض فإنه كائن ومراد بخلاف ظلمه عليهم فإنه أوليس بمراد (و) لا كائنا بل (تصرفه تعالى فيما هو ملكه كيف كان) ذلك التصرف (لا يكون ظلما) بل عدلا وحقا (الرابعة والله لا يحب الفساد والفساد كائن والمحبة) هي (الإرادة) فالفساد أوليس بمراد (قلنا بل) المحبة إرادة خاصة وهي ما لا يتبعها تبعة) ومؤاخذة (ونفي الخاص لا يستلزم نفي العام الخامسة ولا يرضى لعباده الكفر) والرضاء هو الإرادة (قلنا الرضاء ترك الاعتراض والله يريد الكفر للكافر ويعترض عليه) ويؤاخذه به (ويؤيده أن العبد لا يريد الآلام والأمراض) وليس مأمورا بإرادتها (وهو مأمور بترك الاعتراض) عليها فالرضاء أعني ترك الاعتراض يغاير الإرادة (ثم هذه الآيات معارضة بآيات) أخرى (هي أدل على المقصود منها الأولى ولو شاء الله لجمعهم على الهدى الثانية أن لو يشاء الله لهدي الناس جميعا الثالثة فلو شاء لهداكم أجمعين)
والمعتزلة حملوا المشيئة في هذه الآيات ونظائرها على مشيئة القسر والإلجاء وليس بشئ لأنه خلاف الظاهر وتقييد للمطلق من غير دلالة عليه (الرابع أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم) وتطهير القلوب بالإيمان فلم يرد الله إيمانهم (الخامسة إنما يريد الله ليعذبهم
____________________
مظنة أن يعترض فيها العباد ويشمئزوا عنها فلدفع هذا الوهم قالوا يجب الرضاء بالقضاء (قوله الرضاء ترك الاعتراض) أعترض عليه بأن الرضاء صفة القلب ولهذا يقال رضى بقلبه ولو قيل رضى بلسانه كان تعريضا بعدم الرضاء وترك الاعتراض دال عليه لا أنه نفسه فالتأييد المذكور إنما يفيد مغايرة ترك الاعتراض للإرادة لا مغايرة الرضاء لها فإن الرضاء بالآلام غير مقدور للبشر ولم يؤمر به حقيقة بل أمر بترك الاعتراض الدال عليه فالأولى أن يجاب بأن الرضاء إرادة خاصة وهي الإرادة على الاستحسان بترك الاعتراض ونفي الخاص لا يستلزم نفي العام ولك أن تقول المراد أن الرضاء هو ترك الاعتراض النفساني وهو الانكار والاستقباح والمؤاخذة دليل هذا الاعتراض فليتأمل (قوله لأنه خلاف الظاهر) فيه بحث وهو أن المعارضة بهذه الآيات إنما تتم إذا قدر مفعول المشيئة في الآية الأولى الاجتماع وفي الثانية الاهتداء وأما لو قدر في الأولى الجمع وفي الثانية الهداية كما هو المناسب لقاعدة العربية وهو أن مفعول المشيئة في الشرط يترك لدلالة الجزاء عليه لأن جمعهم على الهدى قسرهم عليه وكذا الهداية لأنها بمعنى خلق الاهتداء لأن الهداية بمعنى الاهتداء حاصلة وكلمة لو تنفيها وبالجملة قد سبق أن المعتزلة قائلون بعدم جواز تخلف المراد عن الإرادة في أفعال الله تعالى والجمع والهداية المذكورتان من تلك الأفعال فلو