شرح المواقف - القاضى الجرجانى - ج ٨ - الصفحة ١٧٨
لمخالفته المصلحة) فليس قوله عند ربك ظرفا لقوله مكروها (أو) أراد بقوله مكروها كونه (منهبا عنه مجازا) وإنما يرتكب هذا التجوز (توفيقا للأدلة) أي جمعا بين هذه الآية وبين ما ذكرناه من الدلائل (الثالثة وما الله يريد ظلما للعباد مع أن الظلم من العباد (كائن) بلا شبهة فبعض الكائنات أوليس مراد الله (قلنا أي) لا يريد (ظلمه) لعباده لا ظلم بعضهم على بعض فإنه كائن ومراد بخلاف ظلمه عليهم فإنه أوليس بمراد (و) لا كائنا بل (تصرفه تعالى فيما هو ملكه كيف كان) ذلك التصرف (لا يكون ظلما) بل عدلا وحقا (الرابعة والله لا يحب الفساد والفساد كائن والمحبة) هي (الإرادة) فالفساد أوليس بمراد (قلنا بل) المحبة إرادة خاصة وهي ما لا يتبعها تبعة) ومؤاخذة (ونفي الخاص لا يستلزم نفي العام الخامسة ولا يرضى لعباده الكفر) والرضاء هو الإرادة (قلنا الرضاء ترك الاعتراض والله يريد الكفر للكافر ويعترض عليه) ويؤاخذه به (ويؤيده أن العبد لا يريد الآلام والأمراض) وليس مأمورا بإرادتها (وهو مأمور بترك الاعتراض) عليها فالرضاء أعني ترك الاعتراض يغاير الإرادة (ثم هذه الآيات معارضة بآيات) أخرى (هي أدل على المقصود منها الأولى ولو شاء الله لجمعهم على الهدى الثانية أن لو يشاء الله لهدي الناس جميعا الثالثة فلو شاء لهداكم أجمعين) والمعتزلة حملوا المشيئة في هذه الآيات ونظائرها على مشيئة القسر والإلجاء وليس بشئ لأنه خلاف الظاهر وتقييد للمطلق من غير دلالة عليه (الرابع أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم) وتطهير القلوب بالإيمان فلم يرد الله إيمانهم (الخامسة إنما يريد الله ليعذبهم
____________________
مظنة أن يعترض فيها العباد ويشمئزوا عنها فلدفع هذا الوهم قالوا يجب الرضاء بالقضاء (قوله الرضاء ترك الاعتراض) أعترض عليه بأن الرضاء صفة القلب ولهذا يقال رضى بقلبه ولو قيل رضى بلسانه كان تعريضا بعدم الرضاء وترك الاعتراض دال عليه لا أنه نفسه فالتأييد المذكور إنما يفيد مغايرة ترك الاعتراض للإرادة لا مغايرة الرضاء لها فإن الرضاء بالآلام غير مقدور للبشر ولم يؤمر به حقيقة بل أمر بترك الاعتراض الدال عليه فالأولى أن يجاب بأن الرضاء إرادة خاصة وهي الإرادة على الاستحسان بترك الاعتراض ونفي الخاص لا يستلزم نفي العام ولك أن تقول المراد أن الرضاء هو ترك الاعتراض النفساني وهو الانكار والاستقباح والمؤاخذة دليل هذا الاعتراض فليتأمل (قوله لأنه خلاف الظاهر) فيه بحث وهو أن المعارضة بهذه الآيات إنما تتم إذا قدر مفعول المشيئة في الآية الأولى الاجتماع وفي الثانية الاهتداء وأما لو قدر في الأولى الجمع وفي الثانية الهداية كما هو المناسب لقاعدة العربية وهو أن مفعول المشيئة في الشرط يترك لدلالة الجزاء عليه لأن جمعهم على الهدى قسرهم عليه وكذا الهداية لأنها بمعنى خلق الاهتداء لأن الهداية بمعنى الاهتداء حاصلة وكلمة لو تنفيها وبالجملة قد سبق أن المعتزلة قائلون بعدم جواز تخلف المراد عن الإرادة في أفعال الله تعالى والجمع والهداية المذكورتان من تلك الأفعال فلو
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الموقف الخامس في الإلهيات 2
2 المرصد الأول في الذات وفيه مقاصد 2
3 المقصد الأول 2
4 المقصد الثاني 14
5 المقصد الثالث 18
6 المرصد الثاني وفيه مقاصد 19
7 المقصد الأول 19
8 المقصد الثاني 25
9 المقصد الثالث 26
10 المقصد الرابع 27
11 المقصد الخامس 28
12 المقصد السادس 31
13 المرصد الثالث في توحيده تعالي 39
14 المرصد في الرابع في الصفات الوجودية 44
15 المقصد الأولى في اثبات الصفات 44
16 المقصد الثاني في قدرته 49
17 المقصد الثالث 64
18 المقصد الرابع 80
19 المقصد الخامس 81
20 المقصد السادس 87
21 المقصد السابع 91
22 المقصد الثامن 104
23 المرصد الخامس وفيه مقصدان 115
24 المقصد الأول 115
25 المقصد الثاني 143
26 المرصد السادس في أفعاله تعالى 145
27 المقصد الأول 145
28 المقصد الثاني 159
29 المقصد الثالث 168
30 المقصد الرابع 173
31 المقصد الخامس 181
32 المقصد السادس 195
33 المقصد السابع 200
34 المقصد الثامن 202
35 المرصد السابع في أسماء الله تعالي 207
36 المقصد الأول 207
37 المقصد الثاني 209
38 المقصد الثالث 210
39 الموقف السادس في السمعيات 217
40 المرصد الأول في النبوات 217
41 المقصد الأول 217
42 المقصد الثاني 222
43 المقصد الثالث 230
44 المقصد الرابع 243
45 الكلام علي القرآن 243
46 المقصد الخامس 263
47 المقصد السادس 280
48 المقصد السابع 281
49 المقصد الثامن 283
50 المقصد التاسع 288
51 المرصد الثاني في المعاد وفيه مقاصد 289
52 المقصد الأول 289
53 المقصد الثاني في حشر الأجسام 294
54 المقصد الثالث 298
55 المقصد الرابع 301
56 المقصد الخامس 303
57 المقصد السادس 306
58 المقصد السابع 309
59 المقصد الثامن 312
60 المقصد التاسع 312
61 المقصد العاشر 314
62 المقصد الحادي عشر 317
63 المقصد الثاني عشر 320
64 المرصد الثاني في الأسماء وفيه مقاصد 322
65 المقصد الأول 322
66 المقصد الثاني 330
67 المقصد الثالث 331
68 المرصد الرابع في الإمامة 344